للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دع ذا وعد القول في هرم .. البيت

روى الأصبهاني في "الأغاني" عن جماعة أنهم كانوا في دار أمير المؤمنين المهدي بعيساباذ، وقد اجتمع فيها العلماء بأيام العرب وآدابها وأشعارها ولغاتها، إذ خرج بعض أصحاب الحاجب، فدعا بالمفضل الضبي الراوية، فدخل فمكث ملياً، ثم خرج ذلك الرجل بعينه، فدعا بحماد الرواية، فمكث ملياً، ثم خرج ومعه حماد والمفضل جميعاً، وقد بان في وجه حماد الانكسار والغم، وفي وجه المفضل السرور والنشاط، ثم خرج الخادم، فقال: يا معشر من حضر من أهل العلم، إن أمير المؤمنين يعلمكم أنه قد وصل حماداً الشاعر بعشرين ألف درهم لجودة شعره، وأبطل روايته لزيادته في أشعار الناس ما ليس منها، ووصل المفضل بخمسين ألف درهم لصدقه، وصحة روايته، فمن أراد أن يسمع شعراص جيداً محدثاً، فليسمع من حماد، ومن أراد رواية صحيحة، فليأخذها عن المفضل، فسألنا عن السبب، فأخبرنا أن المهدي قال للمفضل لما دعا به وحده، إني رأيت زهير بن أبي سلمى افتتح قصيدته بقوله:

دع ذا وعد القول في هرم

ولم يتقدم قبل ذلك قول، فما الذي أمر نفسه بتركه؟ فقال له المفضل: يا أمير المؤمنين ما سمعت في هذا شيئاً إلا أنني توهمته كان [يفكر] في قول يقوله، أو يروي في أن يقول شعراً. قال: عد إلى مدح هرم، [وقال]: دع ذا، أو كان مفكراً في شيء من شأنه، فتركه، وقال: دع ذا، أي: دع ما أنت فيه من الفكر، وعد القول في هرم. ثم دعا بحماد، فسأله عن مثل ما سأل المفضل، فقال: ليس هكذا قال زهير، يا أمير المؤمنين، قال: فكيف قال؟ فأنشده:

<<  <  ج: ص:  >  >>