للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال السيرافي: وأما هي، فإنها حرف دخلت لاستقبال الاستفهام، ومنع بعض ما يجوز في الألف من اقتطاعها بعض الجملة ومن جواز التعديل والمساواة، فكأنها دخلت مانعة لشيء من الاستفهام، ومجيزة لشيء منه، فصارت داخلة لغير الاستفهام المطلق الذي حرفه الألف، ولذلك قال سيبويه: "هل" إنما هي بمنزلة "قد" إلا أنهم تركوا الألف إذ كانت هل لا تقع إلا في الاستفهام، وكان حق هل أن تدخل عليها الألف، كما كان حق الأسماء التي يستفهم بها أن تدخل عليها ألف الاستفهام، فيقال: أهل قام زيد، وأمن قام، ودخلت أم على هل، لأنها حرف عطف، كالواو في قولك: وهل، وكان أبو العباس المبرد يجيز دخول ألف الاستفهام على هل، وعلى سائل أسماء الاستفهام، كدخول أم وأنشد:

سائل فوارس يربوع بشدتنا ... أهل رأونا بسفح القف ذي الأكم

ودخول ألف الاستفهام عليها غير معروف، وغيره يرويه: "أم هل رأونا، والقول ما ذكرناه عن سيبويه. انتهى كلام السيرافي.

ولم يكتب أبو علي الفارسي في تعليقته على "الكتاب" على هذا الباب شيئاً، وإنما كتب على الباب الذي قبله، وهو "باب الواو التي تدخل عليها ألف الاستفهام" كتب ما نصه: قال أبو إسحاق: الألف أصل الاستفهام، وليس فيها إلا معنى الاستفهام، ولا تدخل عليها الواو، وهل فيها بمعنى "قد" ولو قلنا: هل وهو فلان، كنا نقدر بعد هل استفهاماً قبل الواو ولا نقدم هل على الألف. انتهى.

وقد تكلم ابن جني على "هل" في كتاب "الخصائص" قال في باب إقرار الألفاظ على أوضاعها الأول: وأما هل فقد أخرجت عن بابها إلى معنى قد، نحو قوله تعالى: (هَلْ أَتَى عَلَى الإنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ) [الإنسان/١] قالوا: معناه: قد أتى عليه ذلك، وقد يمكن عندي أن تكون مبقاة في هذا الموضع على بابها من الاستفهام، فكأنه قال، والله تعالى أعلم: هل أتى على الإنسان هذا؟ فلا بد في جوابه من "نعم" ملفوظاً بها أو مقدرة، أي: فكما أن ذلك كذلك، فينبغي

<<  <  ج: ص:  >  >>