للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحيى الآمدي رقعة نسختها: أريد – قد مت قبلك- أن تسأل القاضي أبا سعيد أدام الله عزه –عما أنا ذاكره في هذه الرقعة، وتتطول بتعريفي ما يكون في الجواب: ذكر أبو العباس محمد بن يزيد في "المقتضب" عند تحديد حروف المعاني مواضع قد، فقال: تكون اسماً بمعنى حسب، وتكون حرفاً في موضعين، أحدهما: أن يكون قوم يتوقعون جواب: هل قام زيد، وتكون في موضع ربما، كقوله:

قد أترك القرن مصفراً أنامله

ثم ذكر هل، فقال: ومن الحروف هل، وهي لاستقبال الاستفهام، وتكون بمنزلة قد في قوله: جل اسمه: (هَلْ أَتَى عَلَى الإنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ) وهو قد ذكر مواضع قد، وحصرها. ففي أي مواضع قد الثلاثة تكون هل بمعناها؟ والعلم محيط بأنها لا تكون بمعنى حسب، ولا تكون جواباً لقول من قال: هل قام زيد؟ فيقال: هل قام، بمعنى: قد قام؛ لأن المجيب يكون كأنه قد حكى كلام المستفهم، وهذا غير معروف في كلام العرب. ولا يحسن أن تكون بمعنى ربما، وهل لا تتضمن هذا المعنى، وما علمت أحداً من أهل اللغة قال: إن هل تكون في شيء من الكلام، ولا القرآن الكريم بمعنى قد، والنحويون يقولون في الآية: إن المعنى: ألم يأت، منهم الزجاج، فمن علي بتعجيل الجواب فإني أتطلعه.

فوقفت القاضي أبا سعيد على الرقعة، فأملى علي ما كتبه على ظهرها:

بسم الله الرحمن الرحيم (هَلْ أَتَى عَلَى الإنسَانِ حِينٌ): على قول من جعله بمنزلة قد إنما تكون قد من قسم دخولها للفعل المتوقع، فكأنه قيل لقوم يتوقعون الإخبار عما أتى على الإنسان، والإنسان آدم: قد أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً، لأن آدم بقي زماناً طويلاً طيناً. هذا آخر ما نقله ابن الشجري.

<<  <  ج: ص:  >  >>