وفي قراءة عبد الله:(وهذا لشركائهم)[من الأنعام/ ١٣٦] وهو كما تقول في الكلام: قال عبد الله: إن له مالاً، وإن لي مالاً، وهو يريد نفسه، وقد قال الشاعر:
رجلان من مكة أخبرانا .. إلى آخره.
ولو قال: أخبرانا أنهما رأيا، كان صواباً. وقال أيضاً عند قوله تعالى:(إن يوحى إلي إلا أنما أنا نذير مبين)[ص / ٧٠] إن شئت جعلت "أنما" في موضع رفع، كأنك قلت: ما يوحى إلي إلا الإنذار، وإن شئت جعلت المعنى: ما يوحى إلي إلا لأني نبي ونذير، فإذا ألقيت اللام، كان موضع "أنما" نصباً، ويكون في هذا الموضع: ما يوحى إلي إلا أنك نذير مبين، لأن المعنى حكاية، كما تقول في الكلام: أخبروني إني مسيء، وأخبروني إنك مسيء، وهو كقوله:
رجلان من ضبة أخبرانا .. إلى آخره.
والمعنى: أخبرانا أنهما رأيا، فجاز ذلك. لأن أصله الحكاية. انتهى.
وقوله: رجلان، بكسر النون، مثنى رجل، بسكون الجيم، والأصل ضمها، قال ابن جني في "المحتسب": ومن ذلك قراءة سليمان التيمي: (قالت نملة يا أيها النمل)[النمل/ ١٨] وروي عنه أيضاً: "نملة والنمل" بضمهما، قال أبو الفتح: أما النملة، بفتح النون وضم الميم فأصل النملة، بفتح النون وسكون الميم، لأن فعلاً يخفف إلى فعل: كرجل إلى رجل. قال الشاعر:
رجلان من ضبة أخبرانا .. إلى آخره
فقائل هذا الشعر إما أن يكون له لغتان: رجل ورجل، فإما أن تكون لغته: رجل، بضم الجيم، فاضطر إلى الشعر، فأسكن الجيم. ألا تراه كيف جمع بين رجلان ورجل، ونظير نملة ونمل: سمرة وسمر. انتهى.