للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا تقدر على أن تتكلم لما تسمعه من هجائي لك، كما شرقت صدر القناة، يريد: أن الدم إذا وقع على صدر القناة، وكثر عليها، لم يتجاوز الصدر إلى غيره لأنه يجمد عليه، فأراد أن كلامه يقف في حلقه، ولا يمكنه إخراجه كما يقف الدم على صدر القناة، فلا يذهب، وقال سليمان بن يوسف بن عيسى النحوي: يخاطب بالبيت يزيد بن مسهر الشيباني، وكانت بينهما مباينة ومهاجاة. إلى هنا كلام ابن خلف، وهذا كلام المبرد في "الكامل" عند قوله جرير:

إذا بعض السنين تعرقتنا ... كفى الأيتام فقد أبي اليتيم

قال قوله: "إذا بعض السنين تعرقتنا" يفسر على وجهين، أحدهما: أن يكون ذهب إلى أن بعض السنين، لأنه سنة وسنون، كما قال الأعشى:

وتشرق بالقول الذي قد أذعته ... . . . . . البيت

لأن صدر القناة قناة، ومن كلام بعض العرب: ذهبت بعض أصابعه، لأن بعض الأصابع أصبع، فهذا قول، والأجود: أن يكون الخبر في المعنى عن المضاف إليه، وأقحم المضاف توكيداً، لأنه غير خارج من المعنى، وفيكتاب الله عز وجل (فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِين) [الشعراء: ٤] إنما المعنى: فظلوا لها خاضعين، والخضوع بين في الأعناق، فأخبر عنهم، فأقحم الأعناق توكيداً، وكان أبو زيد الأنصاري يقول: أعناقهم: جماعتهم، ويقول: أتاني عنق من الناس، والأول قول عامة النحويين. انتهى.

وأورده الفراء في "تفسيره" عند قراءة الحسن: (يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ [يوسف: ١٠] وقال: العرب إذا أضافت المذكر إلى المؤنث وهو فعل له، أو هو

<<  <  ج: ص:  >  >>