للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي واقعة على البو, وانتصاب الرثمان, هو الوجه الذي يصح به المعنى والإعراب, وإنكار الأصمعي لرفعه إنكار في موضعه, لأن رثمان العلوق للبو بأنفها هو عطيتها, ليس لها عطية غيره, فإذا أنت رفعته لم يبق لها عطية في البيت لفظًا ولا تقديرًا, ورفعه على البدل من «ما» لأنها فاعل ينفع, وهو بدل الاشتمال, ويحتاج إلى تقدير ضمير يعود منه على المبدل منه, كأنك قلت: رثمان أنفها إياه, وتقدير مثل هذا الضمير قد ورد في كلام العرب, ولكن في رفعه ما ذكرت لك من إخلاه تعطي من مفعول في اللفظ والتقدير, وجر رثمان على البدل أقرب إلى الصحيح قليلا, وإعطاء الكلام حقه من المعنى والإعراب إنما هو نصب الرثمان. ولنحاة الكوفيين في أكثر كلامهم تهاويل فارغة من حقيقة. انتهى كلامه.

أقول: لو حمل «ما» على الرثمان لم يرد شيء من هذا, ولقد أجاد الدماميني في الاعتراض على ابن الشجري بقوله: ولقائل أن يقول: لم لا يجوز أن يكون الضمير من به عائدًا على «ما» لا على البو؟ وبه يتعلق بتعطي على أنه مضمن معنى تجود, فلا يكون تعطي مخلى من مفعول مع رفع رثمان, ثم قال الدماميني: وما استند إليه ابن الشجري في إنكار الرفع قد يلتزم ولا محذور فيه, لأن الفعل المتعدي قد يكون الغرض من ذكره إثباته لفاعله أو نفيه عنه فقط, فينزل منزلة اللازم, ولا يقدر له مفعول لأن ذلك يخل بالغرض, واعتبار هذا المعنى في البيت ممكن.

ورد عليه ابن الخبلي بأن اعتبار هذا المعنى ممكن في نفسه, وأما في البيت فلا, لأنه مخل بالغرض إذ الغرض إثبات عطية لها, لا وصفها بالإعطاء فقط. على أنا تقول: المتعدي وإن نزل منزلة اللازم لا يتحقق مضمونه إلا بمفعول في نفس

<<  <  ج: ص:  >  >>