تطلع الشمس من مغربها, أخر طلوعها ثلاثة أيام, فينكر الناس ذلك, ويفزعون إلى المساجد, ثم تطلع بعد ثلاث سوداء» والثلاثة الأيام التي لم تطلع فيها الشمس صارت كثلاث ليال, فهي حينئذ ست, ويقوي هذا القول: ليلتنا المنوطة بالتنادي, لأن طلوع الشمس من مغربها يتصل بالقيامة. انتهى. ولم يرض بهذا السيد المرتضى, فقال في «أماليه» بعدما ذكر كلام ابن جني: وهذا من جملة الزلل والخلل, ولا علة لقوله سداس, واختصاصه هذا العدد دون غيره من الأعداد, لأن غرضه لما طالت عليه ليلته أن يقول: أليلة هي أم ليال؟ وكل عدد متجاوز للواحد يقوم في هذا الغرض مقام صاحبه, فما سداس إلا كخماس وسباع, والتعليل بأن هذا العدد فيه فرغ من خلق الخلق مضحك, وأي تعلق لأيام خلق الخلق بما قصد إليه من الاستطالة! حتى كأن الله تعالى خلق السماء والأرض في أطول مدة تتصور, وليس الأمر على هذا, بل الأيام المضروبة لخلق السماء والأرض للمصلحة لا لغير ذلك من العلل, ولا يظن مثل هذا متأمل. وأما لفظة التناد, فلا شبهة أن المراد بها القيامة, والتنادي بقيام الأموات من قبورهم, كما قال الله تعالى:{يا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد}[غافر/٣٢] أي: يوم المبعث, وأي مدخل للتنادي بالرحيل في المعنى الذي قصده الشاعر من استطالة ليلته حتى قال: هي ليلة أم ست ليال؟ وإنما يليق ذلك بأن يقول: هذه الليلة الطويلة منوطة بيوم القيامة. واستدلال أبي الفتح على هذا الغرض الفاسد بقوله من بعد: أفكر في معاقرة المنايا .. البيت لا يدل على ما ظنه, لأن هذا كلام استأنفه, وقد مضى ما استطاله من ليله وعدل إلى غرض آخر. انتهى كلامه. واعترض عليه ابن المستوفي بأن قوله: هذا كلام استأنفه آخر آخره,