لا يصح له به الرد على أبي الفتح, لأن أبا الطيب ما استطال ليلته إلا لهذا, ولم يعدل إلى غرض آخر مما يخالف غرضه, وكل الأبيات إلى المخلص تؤدي معنى واحدًا بني عليه القصيدة, والذي يجب أن يقال: إن المتنبي استعمل من الأعداد المعدولة ما لم يجمع على استعماله, وإن كان قد حكي عنهم أن هذا العدد جاء إلى عشار, فكان ينبغي أن يقول: أحاد أم عشار في أحاد, فينتهي من هذا العدد إلى غايته, فتكون الليلة أطول عليه, فاختصاصه بداس لا معنى له دون غيره من الأعداد المعدولة, وهو قادر على أن يضع موضعه ما هو أكثر منه عددًا, وكان يؤخذ عليه في عشار ما أخذ عليه في سداس ويزيد الليلة طوالًا. هذا كلامه. وقول المصنف: ويكون تقديم الخبر, وهو أحاد .. الخ. إن قلت: لم لا يجوز أن يكون أحاد مبتدأ لتخصصه بالاستفهام؟ قلت: الغرض الإخبار به لا عنه, وقول المصنف: إذ شرط الهمزة المعادلة لأن أن يليها أحد الأمرين ..
الخ, هذا مذهب ابن الحاجب ومن حذا حذوه, وقد أخذ المصنف كلامه هذا من «أماليه» فإنه قد تكلم على هذا البيت فيها.
وقد أجاز سيبويه خلافه, قال في «الكتاب» بعد أن مثل بقوله: أزيد عندك أم عموو؟ وأزيدًا لقيت أم بشرًا؟ واعلم أنك إذا أردت هذا المعنى فتقدير الاسم أحسن, لأنك لا تسأل عن اللقاء, وإنما تسأل عن أحد الاسمين لا تدري أيهما هو, فبدأت بالاسم لأنك تقصد قصد أنيبين لك أي الاسمين في هذا الحال, وجعلت الاسم الآخر عديلًا للأول, فصار الذي لا تسأل عنه بينهما, ولو قال: ألقيت زيدًا أم عمرًا؟ كان جائزًا حسنًا, أو قلت: أعندك زيد أم عمرو؟ كان كذلك, إلى آخر ما ذكره.
وقال السيرافي: الاختيار في هذا الباب أن يكون الشيء الذي يسأل عنه هو الذي يلي الألف وأم, وما لا يسأل عنه متوسط, كقولك: أزيد عندك أم عمرو؟