والسبب في عتاب رؤبة أباه ما رواه الأصمعي قال: قال رؤبة: خرجت مع أبي نريد سليمان بن عبد الملك، فلما سرنا بعض الطريق، قال لي: أبوك راجز وأنت مفحم، قلت: فأقول؟ قال: نعم، فقلت أرجوزة، فلما سمعها قال لي: اسكت فض الله فاك، فلما وصلنا إلى سليمان أنشده أرجوزتي، فأمر له بعشرة آلاف درهم، فلما خرجنا من عنده، قلت له: أتسكني، وتنشده أرجوزتي، فقال: اسكت ويلك، فإنك أرجز الناس، فالتمست منه أن يعطيني نصيبا مما أخذه بشعري، فأبى فتنابذته، فقال:
لطالما أجرى أبو الجحاف ... لهيئة بعيدة الأطراف
تأتي على الأهلين والألاف ... سرهفته ما شئت من سرهاف
حتى إذا ما آض ذا أعراف ... كالكودن المشدود بالإكاف
قال الذي عندك لي صراف ... من غير ما كسب ولا احتراف
فأجبته بهذه الأرجوزة. وفي كتاب "مناقب الشبان، وتقديمهم على ذوي الأسنان" كان رؤبة يرعى إبل أبيه حتى بلغ وهو لا يقرض الشعر، فتزوج أبوه امرأة [تسمى] عقرب، فعادت رؤبة وكانت تقسم إبله على أولاده الصغار، فقال رؤبة: ما هم بأحق مني لها إني لأقاتل عنها السنين، وأنتجع الغيث، فقالت عقرب للعجاج: أسمع هذا وأنت حي فكيف بنا بعدك؟ ! فخرج فزبرة، وصاح به، وقال له: اتبع إبلك، ثم قال: