مسافة يوم وليلة, فضع غالب بن صعصعة طعامًا, ونحر نحائر, وجفن جفانًا, وجعل يقسمها على أهل المزايا, وهم أهل القدر, فأتت جفنة منها سحيم بن وثيل الرباحي الشاعر, فكفأها وضرب الخادم التي أتته بها, فتألم غالب من ذلك, فعاتب سحيمًا, وكثر الكلام بينهما حتى تداعيا إلى المعاقرة, وكاان سحيم رجلا فيهسوء خلق وأذية للناس, وكانت إبله خوامس, قد أغبت خمسًا لم ترد, ووردت إبل غالب, فطفق غالب يعقرها, وطافت الوغدان والفتيان بالإبل, فجعلت تحوزها من أطرافها, ومع الفرزدق هراوة يوردها على أبيه, فيقول غالب: رد أي بني, فيقول الفرزدق: إعقر أبه: حتى نحر مائتين, فقال طارق بن دبسق بن عوف بن عاصم بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع, وكان يهاجي سحيمًا:
أبلغ سحيمًا إن عرضت وجحدرا ... أن المخازي لا ينام قرادها
إلى آخر أبيات أربعة, وأبيات لغيره. وقال طارق بن دبسق يعير سحيمًا:
لعمري وما عمري علي بهينٍ ... لقد ساء ما جازيت يا ابن وثيل
مددت بذي باعٍ عن المجد جيدر ... وسيف عن الكوم الخيار كليل
وقال ذو الخرق الطهوي يتعصب لغالب, لأنه من بني مالك بن حنظلة:
أبلغ رياحًا على نأيها ... ورهط المحل شفاة الكلب
فلا تبعثوا منكم فارطًا ... عظيم الرشاء كبير الغرب
يعارض بالدلو فيض الفرا ... ت تصك أواذيه بالخشب
فما كان ذنب بني مالكٍ ... بأن سب منهم غلام فسب