للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لي: كيف تكون قاضي القضاة, وأنت لا تعرف مقل هذا؟ ! ثم ذكرت أن أبا الحسن علي بن حمزة الكسائي معي في الشارع, فقلت: ليكن رسول أمير المؤمنين بحيث يكرم, وقلت للجارية: خذي الشمعة بين يدي, ودخلت إلى الكسائي في فراشه, فأقرأته الرقعة, فقال لي: خذ الدواة واكتب: أما من أنشد البيت بالرفع فقال: «عزيمة ثلاث» فإنما طلقها بواحدة, وأنبأها أن الطلاق لا يكون إلا بثلاثة, ولا شيء عليه, وأما من أنشد «عزيمة ثلاثًا» فقد طلقها وأبانها, كأنه قال: أنتِ طالق ثلاثًا, وأفدت الجواب, فحملت إلي في آخر الليل جوائز وصلات, فوجهت بالجميع إلى الكسائي. انتهى كلامه.

وروى أبو علي الفارسي هذه الحكاية على خلاف ما تقدم, قال في «المسائل القصيرة»: حدثنا الشيخ أبو الحسن الكرخي عن يحيى الرقي قال: أرسلني الكسائي إلى محمد بن الحسن أسأله عن الجواب في هذه الأبيات, قال: فأتيت محمد ابن الحسن بالأبيات, فقال: إن نصب الثلاث فهي ثلاث تطليقات, وإن رفع الثلاث فهي واحدة, كأنه أراد أن يخبر أن عزيمة الطلاق ثلاث, قال: فرجعت إلى الكسائي فأخبرته يقول محمد, فتعجب من فطنته. انتهى.

وهذا هو المسطور في كتب الحنفية «كالمبسوط» و «شرح الكنز» للزيلعي. وقال صاحب «النهاية في شرح الهداية»: وذكر ابن سماعة أن الكسائي بعث إلى محمد بفتوى, فدفعها إلي فقرأتها عليه, فقال: ما قول قاضي القضاة الإمام فيمن يقول لامرأته: فإن ترفقي يا هند .. الأبيات؟ فكتب في جوابه: إن قال: «ثلاث» مرفوعًا, تقع واحدة, وإن قال: «ثلاثًا» منصوبًا, يقع ثلاثًا, لأنه إذا ذكره مرفوعًا كان ابتداء, فيبقى قوله: فأنت طلاق, فيقع واحدة, وإذا قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>