للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«ثلاثًا» كان منصوبًا على البدل أو التفسير, فقع به ثلاث, والمثنى بمعزل منهما, أي: من الفردية والجنسية. انتهى. وكذا نقل ابن الهمام عن «المبسوط».

وقول المصنف: قال أبو يوسف: فقلت: هذه مسألة نحوية فقهية, ولا آمن من الخطأ.

قال ابن الهمام: هذا القول بعد كونه غلطًا, بعيد عن معرفة مقام الاجتهادو فإن من شرطه معرفة العربية وأساليبها, لأن الاجتهاد يقع في الأدلة السمعية, والذي نقله أهل التحقيق أن المرسل بالفتوى الكسائي إلى محمد بن الحسن, ولا دخل لأبي يوسف أصلًا ولا للرشيد, ومقام أبي يوسف أجل من أن يحتاج إلى غيره في مثل هذه التراكيب, مع إمامته واجتهاده, وبراعته في التصرفات من مقتضيات الألفاظ. انتهى.

قال ابن يعيش قوله: والطلاق عزيمة ثلاث, روي على ثلاثة أوجه: برفع عزيمة ونصب ثلاث, وبالعكس, وبرفعهما. فإذا نصب الثلاث فكأنه قال: أنت طالق ثلاثًا, فيقع الثلاث, ويكون قوله: والطلاق عزيمة, مبتدأ وخبرًا, فكأنه قال: والطلاق مني جد غير لغو, وإذا رفعهما كانت الثلاث خبرًا ثانيًا, أي: الطلاق الذي يقع بمثله الطلاق هو الثلاث, أو يكون موضحًا للعزيمة على سبيل البدل, وتقع واحدة لا غير. ويجوز أن يكون المراد: وأنت طالق ثلاثًا, ثم فسر ذلك بقوله: والطلاق عزيمة ثلاث, كأنه قال: والطلاق الذي ذكرته ونوبته عزيمة ثلاث, فسره بهذا الدليل, هذا إذا نوى الثلاث, ودليل ذلك قوله: فبينى بها, فهذا يدل على إرادة الثلاث والبينونة. وأما إذا نصب عزيمة مع رفع الثلاث, فعلى إضمار فعل, كأنه قال: والطلاق ثلاث, أعزم عليك عزيمة.

ويجوز أن يكون التقدير: والطلاق إذا كان عزيمة ثلاث, كما تقول: عبد الله راكبًا أحسن منه ماشيًا, والمراد: إذا كان ماشيًا, كما تقول: هذا بسرًا أطيب

<<  <  ج: ص:  >  >>