بطل أن يكون ما قبلها مغنيًا عن الجواب. لا يجوز أن تقول: أكرمك, فإن جئتني. ولا: أكرمك, ثم إن جئتني, حتى تأتي بالجواب, فتقول: أكرمك, فإن جئتني زدت في الإكرام. فلذلك بطل أن يكون: فإن جزعًا على معنى المجازاة, وصارت بمعنى إما, لأنها تحسن في هذا الموضع, وحذف ما للضرورة, قال الله عز وجل: (فشدوا الوثاق فإما منا وإما فداء) [محمد/٤] فلم يأت بجواب بعد إما, ولا يجوز طرح ما من إما إلا في الشعر, قال النمر ابن تولب:
سقته الرواد من صيف .. البيت
وإنما يريد: وإما من خريف, وقد أنكر الأصمعي هذا, وزعم أن «إن» في بيت النمر للجزاء, وإنما أراد: وإن سقته من خريف فلن يعدم الري, ولم يحتج إلى ذكر سقته لذكره في أول البيت, وإنما يصف وعلًا. وقبله:
فلو أن من حتفه ناجيًا ... لكان هو الصدع الأعصما
يصف أنه وإن كان في الجبل, لا يعدم معاشًا يعيش به. والوجه قول سيبويه, وذلك أنه لا ذكر للري, وإنما المعنى: سقته الرواعد في الصيف, وإما في الخريف فلن يعدم السقي أيضًا, أي: هو يسقى من الصيف ومن الخريف. والبيت الأول قد دل دلالة واضحة على أن معنى إن معنى إما, وأنه لا يجوز أن تكون بمعنى التي للمجازاة, ومع ذلك فلا يحذف ما من إما إلا في الشعر. انتهى كلام السيرافيز
وقد كتب الفارسي في شرحه على ما يتعلق بالبيت الأول, ولم يكتب شيئًا على بيت النمر بن تولب, وسورد ما قاله في «البغداديات» واعترض على سيبويه