محمد بن يزيد المبرد فقال: «ما» لا يجوز إلقاؤها من إن إلا في غاية الضرورة, وإما يلزمها أن تكون مكررة, وإنما جاءت هنا مرة واحدة, ولا ينبغي أن تحمل الكلام على الضرورة, وأنت تجد إلى غيرها سبيلا, والوجه في ذلك ما قاله الأصمعي, قال: هي إن الجزاء, وإنما أراد: وإن سقته من خريف, فلن يعدم الري. ولم يحتج إلى ذكر سقته, لقوله: سقته الرواعد من صيف.
قال أحمد بن محمد بن ولاد: هذا الوجه الذي حكاه المبرد عن الأصمعي قد أجازه سيببويه بعقب البيت, وذلك قوله في إثره: وإن أراد إن الجزاء فهو جائز, لأنه يضمر فيها الفعل, إلا أنه أخره, لأنه لم يكن الوجه عنده, ولا مراد الشاعر عليه, ألا تراه قال في تفسير البيت: وإنما يريد: وإما من خريف, فحمل معنى البيت على إرادة الشاعر, وذلك أن الشاعر ذكر وعلا يرد هذا الماء متى شاء, فقال:
إذا شاء طالع مسجورة ... يرى حولها النبع والساسما
سقته الرواعد من صيف .. البيت
فقال: مسجورة, أي: مملوءة من صيف أو من خريف, فلن يعدم الوعل ريًا على كل حاال, فأعلم أن ذلك ثابت له, وليس للجزاء في البيت معنى يحسن في الشعر ويليق بمراد الشاعر, لأنه إذا حملها على معنى الجزاء, فإنما يريد: إن سقته لم يعدم الري, وإن لم تسقه عدم, فلا فائدة في هذا يحسن معها الشعر,