ولما أخرج ليقتل انقطع شئع نعله، فوقف فأصلحه، فقال له رجل: أما يشغلك ما أنت فيه! فقال:
أشدُّ قبال نعلي أن يراني ... عدوِّي للحوادث مستكينا
وقال أبوه إلى كل ناقة وشاة له، فنحر أولادها وألقاها بين أيديها، وقال: إبكين معنا على جعفر! فجعلت النوق ترغو، والشاء تثغو، والنساء يصحن ويبكين، وأبوه يبكي معهم، فما روي أن يومًا كان أفجع ولا أفظع من يومئذ. انتهى كلام ياقوت.
وقوله: حين أحلبت؛ روي بالحاء المهملة وبالجيم، أما الأول فقد قال المزروقي والتبريزي وغيرهما: أحلبت: أعانت، وأصله الإعانة في الحلب، ثم استعير لمطلق الإعانة.
وأما الثاني، فقد قال الطبرسي: أصل الجلبة رفع الصوت، وفي "القاموس": الجلب والجلبة – بالتحريك -: اختلاط الصوت، جلبوا وأجلبوا وقالوا: الولايا: جمع ولية، وهي البرذعة، وهي هنا كناية عن النساء، أو الضعفاء الذين لا غناء عندهم. وقيل: الولايا: العشائر والقبائل، فكأن ولية تأنيث ولي، وهو القريب.
ومعنى البيت: أنه يتلهف على ما نزل بهم حين أعان الأعداء عليهم كون الحرم معهم، لما وجب عليهم من الذب عنهم.
والمباسل: من البسالة، وهي الشجاعة، وأجراه على لفظ العدو لا معناه، والمراد بالعدو الجنس. انتهى.
قال الطبرسي: ومن روى الموالي فهم أبناء العم، وإنما خصهم بالذكر لأن الجفاء منهم أشد تأثيرًا في النفس، ألا ترى أن من كان بنو عمه عليه فهو كمن قوتل بسلاحه!