للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلسانه روثة أنفه من طوله ويقول: والله لو وضعته على شعر لحلقه، أو على صخر لفلقه. وعاش في الجاهلية ستين سنة، وعاش مثلها في الإسلام فهو من المخضرمين، ومات في زمن معاوية، وكفَّ بصره في آخر عمره، ومات في سنة أربع وخمسين.

وأما من قال: إن البيت الشاهد لخداش، فهو من قصيدة خاطب بها قومًا من بني تيم الأدرم من أجل مسابقة كانت بين بني العرقة من تيم الأدرم، وبين كرز بن ربيعة بن عمرو بن عامر، وهو من رهط خداش بن زهير.

قال الأسود الأعرابي أبو محمد الغندجاني: وكان من قصة هذا الشعر أنه كان أول ما هاج بين قريش وبين بني عامر بن صعصعة أن كرز بن ربيعة راهن أسيدًا وعمرًا وعبد الله بن العرقة من بني تيم بن غالب، وهم تيم الأدرم، على فرس لهم يقال له: البرق، والسبق ثلاثون ناقة، وجعلوا المدى والمضمار إلى كرز فجعل المدى ما بين السجسج إلى ذات الفلج، وجعل المضمار البياض، فأرسلوا الفرسين، فجاء فرس كرز سابقًا، وهلك البرق، فأخذ السبق، فناشدوه في رده فأبى، فلبثوا قريبًا من سنتين، ثم ركب بنو العرقة، فلقوا أسيد بن مالك، وعمرو بن مالك، وعثمان بن أسيد من بني عامر بن ربيعة بأسفل العقيق في إبل لهم، فيها بكرة يقال لها: العنب، عشراء، فطردوا الإبل، فاستقبلها عثمان بن أسيد ينفَّر بها بثوبه، وبعث الأمة نحو أبيه وعمه مغوِّثًا، فركب أبوه فرسًا كبيرة، وركب عمه بنتها فرسًا صعبة، فلما لحق بالقوم قال عمرو بن مالك: أعلمونا من أنتم؟ قالوا: قريش، قالوا: وأيهم؟ قالوا: بنو العرقة. قالوا: فهل كان من حدث؟ قالوا: لا إلا يوم البرق، فقال لهم: احبسوا العنب، احبسوا اللقحة لقحة من لا يغدر! فقال لهم عمرو: لا والله لا ترضع منها قادمًا ولا آخرًا! قال: إنا لا نرضع الإبل ولكن نحتلبها،

<<  <  ج: ص:  >  >>