البهائم، ثم صار صوفًا وشعرًا عليها. ثم غزل الصوف، ونسج الشعر، فاتخذ منهما اللباس. فالمطر سبب للباس، ولكنه سبب بعيد منه، لأن بينه وبين اللباس مراتب كثيرة. ونحوه قول الراجز:
الحمد لله العزيز المنَّان ... صار الثَّريد في رؤوس العيدان
يعني: السنبل، وبينه وبين الثريد مراتب كثيرة.
والكاف في قوله: كثور العداب، يجوز أن يكون في موضع رفع على خبر مبتدأ مضمر، كأنه قال: هي كثور العداب، ويجوز أن يكون في موضع نصب على الحال من القصواء ومن ضميرها. وقوله: يضر به الندى، وقوله: تعلّى الندى: جملتان في موضع نصب على الحال من الثور، والعامل فيها معنى التشبيه. انتهى كلامه.
وقوله:"تقول وقد عاليت بالكور ... البيت" واستشهد به أيضًا ابن قتيبة في باب "حروف الخفض ينوب بعضها عن بعض" كما أورده المصنف. قال شارحه ابن السيد: وصف أنه أتعب ناقته بطول السفر، حتى إنها لو كانت ممني تكلم لقالت هذه المقالة، والتقدير: يسقى ابن أحمر فلا يروى مني، فقدم وأخَّر، واستعمل "إلى" في موضع "من" وضرب السقي والري مثلين لما يناله بها من المآرب، ويدرك بالسفر عليها من المطالب. انتهى.
وقال الجواليقي شارحه أيضًا: عاليت، أي: أعليت، والكور بالضم: الرحل بأداته، أي: تقول هذه الناقة وقد وضعت الكور عليها: إن ابن الأحمر