للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يومين، وتصلني في الثالث، فما ينتظم صدودك ثلاثة أيام. وفي هذا تناقض يبطل المعنى المقصود، فقد ثبت بما قلته أنه لابد من علقة بين الكلامين، والعلقة بينهما تصح من ثلاثة أوجه:

أحدها: أن تجري الجملة وصفًا لوصال، والعائد منها إلى الموصوف مقدر، وتقديره: أي يوم سررتني بوصال، لم ترعني بعده ثلاثة أيام بصدود؟ فالهاء عائدة على وصال، فكأنك قلت: ما سررتني يومًا بوصال مأمون بعده صدودك ثلاثة أيام. وإذا ثبت صحة هذا المعنى بهذا التقدير، فإن شئت قدرت أنك حذفت الظرف أولًا، فبقي لم ترعنيه، ثم حذفت الهاء ثانيًا، وإن شئت قدرت أنك حذفت الظرف والعائد معًا، فهذا أحد الأوجه الثلاثة.

والوجه الثاني: أنك تقدر بالجملة العطف، وتضمر العاطف، فكأنك قلت: أي يوم سررتني بوصال، فلم ترعني ثلاثة بصدود! والعرب تضمر الفاء والواو العاطفتين، فمما جاء فيه إضمار الفاء قوله تعالى: (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللهِ) [البقرة/ ٦٧] فأضمر الفاء في "قالوا" لتمام كلام موسى، عليه السلام، ثم أضمر الفاء في "قال" لتمام كلام قومه، وهذا كثير في القرآن. ومما أضمرت فيه الواو قول الحطيئة:

إنَّ امرءًا رهطه بالشام منزله ... برمل يبرين جارًا أشدَّ ما اغتربا

أراد: ومنزله برمل يبرين، وليس للجملة في هذا الوجه موضع من الإعراب، لأنها في التقدير معطوفة على جملة لا موضع لها.

والثالث: أن تجعل الجملة حالًا من التاء في "سررتني" والعائد على التاء من حالها: هو الضمير المستتر في "ترعني" فكأنك قلت: أي يوم سررتني غير

<<  <  ج: ص:  >  >>