ويزيد حالها في ذلك وضوحًا ما أنشدناه أبو علي عن أبي بكر، عن أبي العباس، عن أبي عثمان، عن الأصمعي، عن أبي عمرو: أن شيخًا من أهل نجد أنشده:
استقدر الله خيرًا وارضينّ به ... إلى آخر البيتين
فهذا كقولك: بينما المرء في الأحياء مغتبط؛ عفته الأعاصير فوقوع الفعل في موضع إذا يؤكد عندك جواز وقوعًا جوابًا للشرط، لأن أصل الجواب أن يكون بالفعل، ليعادل به الفعل الذي قبله، إذ كان مسببًا عنه، والعلل بيننا والأسباب لا تتعلق بالجواهر، إنما تتعلق بالأعراض والأفعال، فلما كانت عبرة إذ في هذا البيت وفي غيره، ما يطول الكتاب بذكره، عبرة الفعل، فكذلك قوله تعالى:(إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ) أيضًا عبرته: قنطوا؛ فافهم ذلك. انتهى كلام ابن جني.
وقوله: حتى كأن لم يكن إلا تذكره ... إلخ، قال ابن خلف:"يكن" من كان التامة، كأنه قال: حتى كأن الإنسان لم يوجد في الدنيا، ولم يحدث إلا تذكره، وفي يكن ضمير المرء. وكأن: يريد: كأنه، وأصل الكلام: حتى كأنه لم يكن إلا تذكره، ويكون تذكره بدلًا من الضمير في يكن، على طريق الاستثناء، وحذف الضمير من كأنه وخففه. ويجوز أن يكون "تذكره" رفعًا بيكن، ولا يكون فيه ضمير، يقول: إن الإنسان قصير العمر، وما مضى من عمره، إذا مات، كأنه لم يوجد. وأينما: حال نصب على الظرف من الزمان، والعامل فيه ما في دهارير من معنى الشدة، والدهر: مبتدأ، ودهارير: خبره، وهي الدواهي، كأنه قال: والدهر دهارير في كل