جواز استعمال أيا للقريب, فلا يتوجه المنع على الجوهري, انتهى. وقال ابن عصفور في «المقرب»: الهمزة لا تكون إلا في نداء القريب, وما عدا ذلك من الحروف يكون في نداء القريب والبعيد, انتهى.
ونقل ابن مالك وأبو حيان وغيرهما أن سيبويه أخبر رواية عن العرب, أن الهمزة للقريب, وما سواه للبعيد, ولا أدري من أي باب نقلوه, ثم أن المصنف إنما أتى بالبيت شاهدًا لنداء البعيد لا للرد على الجوهري.
وأما البيت فهو من شعر اختلف في قائله, قال الشريف ضياء الدين هبة الله علي ابن محمد بن حمزة الحسيني في «حماسته»: روى المرزبان بإسناده أن المجنون خرج في أصحاب له ليتماروا من وادي القرى, فمروا بجبلي نعمان, فقالوا له: هذان جبلا نعمان, وقد كانت ليلى تنزلهما, قال: فأي ريح تجري من نحو أرضها إلى هذا المكان؟ قالوا: الصبا, فقال: والله لا أبرح حتى تهب الصبا, فأقام في ناحية من الجبلين, ومضى أصحابه فامتاروا لهم وله, ثم أتوه فحبسهم ثلاثًا, حتى إذا هبت الصبا ترحل معهم, وفي ذلك يقول:
أيا جبلي نعمان بالله خليا ... نسيم الصبا يخلص إلى نسيمها
أجد بردها أو تشف مني حرارة ... على كبد لم يبق إلا صميمها
فإن الصبا ريح إذا ما تنسمت ... على نفس مهموم تجلت همومها
ويا ريح مري بالديار فخبري ... أباقية أم قد تعفت رسومها
ألا إن أدوائي بليلى قديمة ... وأقتل أدواء الرجال قديمها
وكذا قال الأصفهاني في كتاب «الأغاني» وأنشد الأبيات الثلاثة الأول