للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لثاته: جمع لثة، بالإثمد كحل، وكانوا يجعلون الكحل في أصول الأسنان حتى يشرق بياض الأسنان بسواد الكحل، وهم يصفون اللثة بالحمرة لتخالف لون الثغر، قال: هذا الثغر كالأقحوان، شبه به لبياض الأقحوان وطيبة، جفت أعاليه وأسفله ندي: هذا موضع حذق النابعة في وصفه، لأن الأقحوان إذا روي بالمطر ولم تطلع عليه الشمس كان ملتفًا مجتمعًا، وكذا كل الأنوار، فلو شبه الثغر به في هذه الحال كان قبيحًا لأنه يركب بعضه بعضًا، فقال: جفت أعاليه، يريد: الورق الأبيض المشبه بالثغر إذا تبسط، ثم قال: وأسفله ندي، فاحترس من أن يكون جافاً من الريق، لأن الجاف الريق أبدًا متغير النكهة، والكثير الريق أبدًا طيبها، هذا قول الصولي قد أوردناه بلفظه، وهو وجه حسن.

والذي عندنا في قوله: جفت أعاليه وأسفله ندي؛ أنه يريد قرب عهده بالمطر، وقد صقل ورقة فحسن عند ذلك، ولم يطل عبده بالمطر فيتغير، ويدل عليه قوله: وأسفله ندي، وبنداوته أيضًا يشرق ويحسن، لأنه إذا عطش تغير وقبح منظره، أنتهي.

وقد أخذ البيت الأول القتال الكلابي وغير قافيته فقال:

تجلو بقادمتي حمامة أيكةٍ ... بدراً أسفَّ لثاته مثبلوج

وأراد بمثلوج: برد ريقها.

وأخذه أيضًا سنان بن عميرة الباهلي فقال:

تجلو بقادمتي حمامة أيكةٍ ... برداً منا بته لثات سود

وهو من شعر أورده أبو تمام في كتاب "مختار أشعار القبائل".

وقال أبو حنيفة الدينوري في كتاب "النبات": والعرب يستحسنون أن يكون في لثة المرأة وشفتيها حوة، وهي حمرة إلى سواد يسير، وإذا كانت

<<  <  ج: ص:  >  >>