للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد نقل ابن الشجري في المجلس الثلاثين من "آماليه" قولي الزجاج وابن عيسي، ولم يتعقبهما بشيء، وقد تبع الزجاج مكي وابن عطية وأبو البقاء.

وأقول: كلام الزجاج توجيه معني لا توجيه إعراب، يدل عليه كلامه، قال في تفسير الآية: معناه: وكفي الله شهيدًا، والباء دخلت مؤكدة لمعني اكتفوا بالله في شهادته، انتهي، فالباء عنده من جهة الإعراب زائدة، والفاعل هو الله، وهذا هو الملحظ الأصلي، ويلزم من كون الله كافياً في الشهادة أمر الاكتفاء بالله تعالي في شهادته، فذكر الباء أكد هذا المعني اللزومي، فالباء ليست زائدة محضة، بل لها فائدة بالنسبة إلى هذا المعني، وإن كانت زائدة من جهة الإعراب، وغضه التحاشي عن إطلاق الزائد الذي لا معني له على شيء من كلام الله تعالي، ولهذا ينكرون الزائد، ويقولون في مثله مؤكد.

وهذا اعتبار حسن جار على القواعد، فلا يرد ما توهمه أبو حيان في الرد عليه، ولا ما توهمه المصنف من أن كفي هذه قسم آخر، فكفي عند الزجاج وغيره قسمان لا غير: إما متعدية لواحد، ويجوز زيادة الباء في فاعلها، وإما متعدية لاثنين، ولا يجوز زيادة الباء في فاعلها، فلا سهو في شرط زيادة الباء.

وعلى القسمين في "كفي" جري كلام ابن الشجري في "أماليه" فإنه أورد بيت المتنبي في آخر ذلك المجلس، وقال: الكفاية: بلوغ الغاية في الشيء، فقلوهم: كفاك به رجلاً، وهو كافيك من رجل، معناه، قد بلغ الغاية في خصال المدح، وفلان

<<  <  ج: ص:  >  >>