للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا ابتدر الناس المكارم بزهم ... عراضة أخلاق ابن ليلى وطولها

فقال له: حكمك يا أبا صخر, قال: اجعلني مكان ابن رمانة, وهو كاتبه وصاحب أمره, فقال عبد العزيز: ما أردت ويلك! ولا علم لك بخراج ولا كتابة! اخرج عني, فخرج كثير نامًا, ثم لم يزل يتلطف حتى دخل عليه, فأنشده الأبيات المتقدمة, فلما قال:

فهل أنت إن راجعتك القول مرة ... البيت ..

قال له عبد العزيز: أما الآن فلا, ولكن قد أمرنا لك بعشرين ألف درهم. وعبد العزيز هو أبو عمر بن عبد العزيز أمير مصر, وولي العهد بعد أخيه من أبيهما مروان بن الحكم, وقول الدماميني: هو أحد الخلفاء الأمويين, زلة قلم, ولما ملك مروان الشام سار إلى مصر وغلب عليها, واستخلف عليها ولده عبد العزيز, فبقي أميرها إلى أن مات في سنة خمس وثمانين عند الأكثر.

وقوله: عجبت لتركي خطة الرشد, الخطة بالضم: الأمر والقصة, وأراد بخطة الرشد: تحكيم عبد العزيز إياه فيما يطلب, وقوله: لئن عاد لي .. الخ يمثلها, أي: بمقالة مثلها, وهو قوله: حكمك يا أبا صخر.

وقوله: لا أقيلها, أي: أطلب منه ما لا اعتراض علي فيه ولا قدح, هكذا فسره العلماء, والإقالة: الرد, ومنه الإقالة الشرعية, فإن من أقالك, فقد رد عليك ما لم تطب نفسك بمسامحته. وروى جماعة من شرح «المفصل»: «لا أفيلها» بالفاء, أي: لا أفيل رأيه فيها, يقال: قال يفيل فلولة, إذا ترك الرأي الجيد, وفعل ما لا ينبغي للعاقل أن يفعله, فالفيلولة: ضعف الرأي, وهي رواية مناسبة.

وما قال ابن سيده أن عبد العزيز كان أعطاه جارية, فأبى كثير قبولها, ثم ندم بعد ذلك, غلط وقياس منه, ولم يذكر الجاحظ في كتاب «البيان»

<<  <  ج: ص:  >  >>