للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا من إذا الناس ظنُّوا أنَّ نائله ... قد سال سائله فالناس كهَّان

إنِّي رأيت سؤال الباخلين زنًا ... وفي سؤالك للأحرار إحصان

إذا تيمَّمك العافي فكوكبه ... سعدٌ ومرعاه في واديك سعدان

قال المرزباني في "الموشح": أخبرني محمد بن يحيى قال: كنت يومًا عند عبيد الله بن عبد الله بن طاهر، فذكرنا قصيدة ابن الرومي في أبي القصر التي أولها: أجنت لك الورد أغصان وكثبان .. فقال عبيد الله: هي دار البطيخ؛ فضحك الجماعة، فقال: اقرؤوا تشبهًا فانظروا؛ هي كما قلت! قال محمد: وقد ملَّح عبيد الله وظرَّف، قال: وهذه القصيدة أكثر من مائتي بيت، مرّ له فيها إحسان كثير، فلما سمع أبو الصقر قوله: قالوا أبو الصقر من شيبان قلت لهم .. البيت، قال: هجاني والله! قيل له: هذا من أحسن المدح، اسمع ما بعده: وكم أب قد علا بابن ذرى شرف .. البيت، فقال: أنا بشيبان، ليس شيبان بي! قيل له: فقد قال: ولم أقصر بشيبان التي بلغت .. البيت، فقال: والله لا أثيبه على الشعر وقد هجاني.

قال أبو عبيد الله المرزباني: وهذا ظلم من أبي الصقر لابن الرومي، وقلة علم منه بالفرق بين الهجاء والمدح. انتهى كلامه.

وأقول تمليحًا: إنما فهم هجاءه من طول مدحه في القصيدة، لأنه يفهم من طولها الإشعار ببخله، وأنه لا يخدع إلا بكثير من التملق في صورة المدح، كما قال، وهو من معانيه البديعة:

وإذا امرؤ مدح أمر لنواله ... وأطال فيه فقد أراد هجاءه

لو لم يقدِّر فيه بعد لمستقى ... عند الورود لما أطال رشاءه

<<  <  ج: ص:  >  >>