للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كرر هذا المعنى في قافية أخرى فقال:

إذا عزَّ رفدٌ لمسترفدٍ ... أطال المديح له المادح

وقدمًا إذا استبعد المستقى ... أطال الرِّشاء له الماتح

وما أحسن ما أخذه السراج الوراق فقال:

سامح بفضلك عبدًا ... مقصِّرًا في الثَّناء

رأى قليبًا قريبًا ... فلم يطل في الرِّشاء

وأبو الصقر، كما قال الصفدي في تاريخ "الوافي بالوفيات": إسماعيل بن بلبل الشيباني، أبو الصقر الكاتب، كان بليغًا كاتبًا شاعرًا كريمًا ممدحًا، ولي الوزارة للمعتمد سنة خمس وستين ومائتين بعد وزارة الحسن بن مخلد الثانية، فبقي مدة يسيرة ثم عزل، ثم وليها ثانية سنة خمس وستين ومائتين في شوال، ثم عزل في شهر رمضان سنة ست وستين، ونفي إلى بغداد، ثم أعيد إلى الوزارة نوبة ثالثة حين قبض على صاعد الوزير، ولقب بالشكور، وذلك في ثالث عشر رجب سنة اثنتين وسبعين بواسط.

وكان واسع النفس، وظيفته في كل يوم سبعون جديًا، ومائة حمل، ومائة رطل من سائر الحلوى. ولم يزل على وزارته إلى أن توفي الموفق أخو المعتمد، وبعد موته بيومين لخمس ليال بقين من صفر سنة ثمان وسبعين ومائتين، قبض أحمد بن الموفق الملقب بالمعتضد وعمه المعتمد هو الخليفة على أبي الصقر الوزير، وكبله بالحديد، وألبسه جبة صوف مغموسة بدبس وماء الأكارع، وتركه في الشمس، وعذبه بأنواع العذاب إلى أن هلك، وكانت وزارته الثالثة خمس سنين وسبعة أشهر واثنين وعشرين يومًا. ولما مات رآه إبراهيم الحربي، أو غيره من العلماء الصلحاء في منامه فقال له: ما فعل الله بك يا أبا الصقر؟ قال: غفر لي بما لقيت، ولم يكن الله عز

<<  <  ج: ص:  >  >>