للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا نعمةً ولَّت غضارتها ... ما كان أقبح حسنها بيدك

فلقد غدت بردًا على كبدي ... لمَّا غدت حرّا على كبدك

ورأيت نعمى الله زائدةً ... لَّما استبان النقص في عددك

ولقد تمنَّت كلُّ صاعقةٍ ... [لو أنَّها صبَّت على كتدك]

لم يبق لي فيما برى جسدي ... إلَّا بقاء الرُّوح في جسدك

وأخذ ابن الرومي بعض هذا الكلام من كلام لأبي العيناء، فإن أبا العيناء حكى عن نفسه، فقال: كان عيسى بن فرحشاه يتيه في ولايته، فلما صرف رهبني فلقيني فسلم علي فأحفى، فقلت لغلامي: من هذا؟ قال: أبو موسى، فدنوت منه وقلت: أعزك الله، والله لقد كنت أقنع بإيمائك دون ثنائك، وبلحظك دون لفظك، فالحمد لله على ما آلت إليه حالك، فلئن كانت أخطأت فيك النعمة، لقد أصابت فيك النقمة، ولئن كانت الدنيا أبدت مقابحها بالإقبال عليك، لقد أظهرت محاسنها بالانصراف عنك! ولله المنة إذ أغنانا عن الكذب عليك، ونزهنا عن قول الزور فيك، فقد والله أسأت حمل النعم، وما شكرت حق المنعم. فقيل له: يا أبا العيناء! لقد بالغت في السب، فما كان الذنب؟ قال: سألته حاجة أقل من قيمته، فردني عنها بأقبح من خليقته.

<<  <  ج: ص:  >  >>