دار ابن طاهر، فقلت له: صف هذه الشرفات وأبا رياح، فقال:
ترى شرفاتها مثل العذارى ... خرجن لنزهةٍ فقعدن صفّا
عليهنَّ الرقيب أبو رياحٍ ... فليس لخوفه يبدين حرفا
وأخبر الصولي قال: حدثني علي بن العباس قال: كان البحتري معي جالسًا، فسلم علينا ابن لعيسى بن منصور، فقال لي: من هذا؟ فقلت: هذا ابن عيسى بن المنصور، الذي يقول ابن الرومي في أبيه:
يقتِّر عيسى على نفسه ... وليس بباقٍ ولا خالد
ولو يستطيع لتقتيره ... تنفّس من منخرٍ واحد
فقال لي: أفّ وتفّ، هذا من خاطر الجن لا من خاطر الإنس! ووثب ومضى، وقيل: الشعر في عيسى بن موسى بن المتوكل.
وقال غير الخطيب: كانت ولادته في بغداد في رجب سنة إحدى وعشرين ومائتين، وتوفي في سنة ثلاث وثمانين، وقيل: أربع وثمانين ومائتين، وقيل غير ذلك.
وكان إذا أبدع معنى يستقصيه حتى لا يدع لغيره فيه بقية.
حكى ابن درستويه أن لائمًا لامه، فقال له: لم لا تشبه كتشبيهات ابن المعتز، وأنت أشعر منه؟ ! فقال: أنشدني من قوله الذي استعجزتني عن مثله، فأنشده قوله في الهلال:
انظر إليه كزورقٍ من فضّةٍ ... قد أثقلته حمولةٌ من عنبر
فقال له: زدني، فأنشده قوله في الآذريون، وهو زهر أصفر في وسطه حمل