وهو من قصيدة طويلة. قالوا: ولم يزل يصير إليها، ثم أخبر بذلك أصحابه، وفيهم الطمَّاح بن قيس الأسدي، فقال له: ائتنا بأمارة، فأتاه بقارورة من طيب الملك، وذلك بفضل سكره، وكان حجر أبو امرئ القيس قد قتل قيسًا أبا الطمَّاح أيام أوقع ببني أسد، فتحيل الطماح حتى أخذها، فأنفذ بها إلى قيصر، وأخبر بالحديث فعرفه، وعلم صحته. ثم إن امرأ القيس ندم على إفشاء سره إلى الطمَّاح، ففيه يقول: إذا المرء لم يخزن عليه لسانه ... البيت.
فلما نفذ امرؤ القيس بالجيش، أتى الطمَّاح قيصروقد تغير على امرئ القيس، فقال له: أيها الملك: أهلكت جيشًا بعثته مع المطرود الذي قتل أبوه وأهل بيته، وما تريد إلى نصره! قال: فما الرأي؟ قال أن تدارك جيشك، وترده، وتبعث إلى امرئ القيس بحلة مسمومة، ففعل وعزم على امرئ القيس أن يلبسها، فدخل امرؤ القيس الحمام، فاطلَّى ولبسها، وقد رق جلده لقروح كانت به فتساقط لحمه، ورد قيصر جيشه، وقدم امرؤ القيس أنقرة، فأقام بها مدنفًا يعالج قروحه، وكان الذي حمله عندما تقرح لحمه صاحبه جابر بن حنيّ التغلبي على سرير، وإياه عنى امرؤ القيس: فإما تريني في رحالة جابر ... البيت. قال: ونزل إلى جنب جبل يقال له عسيب، وإلى جنبه قبر لابنة بعض ملوك الروم، فسأل عن القبر فأخبر به، فقال:
أجارتنا إنَّ الخطوب تنوب ... وإنِّي مقيم ما أقام عسيب