للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما بعدها مما قبلها ومتعلق به، فهلا دل اجتماعهها في المعنى على أنهما حرف وحد؛ قيل: ليس اجتماع الحرفين في معنى واحد مما يوجب أن يكون أحدهما الآخر، بل لا ينكر أن يجتمع حرفان في معنى نحو: بل ولكن، ألا ترى أنك تستدرك بهما جميعًا، بل وأم المنقطعة، ألا ترى أنك تضرب بهما جميعًا، ونحو: لا ولن، فإنك تنفي بهما جميعًا، ونحو: هل وهمزة الاستفهام، فإذا كان كذلك؛ علمت أن الحكم بأن الجملة بعد مجرورة من فاحش الخطأ، وما تدفعه الأصول، ولا يوجه عليه شاهد، فاعرف خطأه، على أنه لو كانت الجملة التي تقع بعد حتى في موضع جر لوجب أن لا تقع الأفعال المرتفعة بعدها، بل كان بضمر بعدها "أن" فينصب الفعل بها، ويكون أن مع الفعل في موضع جر، فوقوع الفعل المرفوع بعدها إذا أريد به الحال، واشتهار ذلك وكثرته، مما يدلك ويبصرك فساد هذا القول، انتهى كلام أبي علي، بحذف ما يستغنى عنه من النظائر.

والبيت من قصيدة للفرزدق هجا بها جريرًا، وهي من النقائض، وأولها:

منّا الذي اختير الرجال سماحة ... وخيرًا إذا هبَّ الرِّياح الزعازع

ومنّا الذي أعطى الرسول عطيّة ... أسارى تميم والعيون دوامع

ومنّا خطيب لا يعاب وحامل ... أغرُّ إذا التفَّت عليه المجامع

ومنّا الذي أحيا الوئيد وغالب ... وعمرو ومنا حاجب والأقارع

ثم قال بعد أبيات مثلها:

أولئك آبائي فجئني بمثلهم ... إذا جمعتنا يا جرير المجامع

بهم أعتلي ما حمَّلتني مجاشع ... وأصرع أقراني الذين أصارع

<<  <  ج: ص:  >  >>