للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

القاسم بن الخَضِر بن محمد بن تيمية الحَرَّاني، ثم الدمشقي، الفقيه، الحنبلي، الإِمام، المتقن، المفتي، الزاهد، القدوة، شرف الدين، أبو محمد، أخو الشيخ تقي الدين ابن تيمية.

قال ابن العماد (١): ولد في حادي عشر المحرم سنة ست وستين وست مئة بحران، وقدم مع أهله إلى دمشق رضيعًا، فحضر بها على ابن أبي اليسر وغيره، ثم سمع ابنَ عَلَّان وابنَ الصَّيْرَفي وخلقًا، وسَمِعَ المسند، والصحيحين، وكتب السنن، وتَفَقَّه حتَّى برع، وأفْتَى وبرع أيضًا في الفرائض، والحساب، وعلم الهيئة، وفي الأصلين والعَرَبِيَّة، وله مشاركة قويةٌ في الحديث، ودَرَّسَ بالحنبلية مُدَّةً، وكان صاحبَ صِدْقٍ وإخلاصٍ، قانعًا باليسير شريفَ النَّفْس، شجاعًا، مقدامًا، مجاهدًا، زاهدًا، عابدًا، ورعًا، يخرج من بيته ليلًا، ويأوي إليه نهارًا، ولا يجلس في مكان مُعَيَّنٍ بحيث يُقصد فيه، بل يأوي المساجدَ المهجورة خارج البلد، فيختلي فيها للصَّلاة والذكر، وكان كثيرَ العِبادةِ والتَّأَلُّهِ والمراقبةِ والخوف من الله تعالى، ذا كَرَامَاتٍ وكُشُوف، كثيرَ الصَّدقاتِ والإِيثار بالذَّهَبِ والفِضَّة في حَضَرِهِ وسَفَره مع فقرِه وقِلَّةِ ذاتِ يده، وكان رفيقُه في المحمل في الحج يُفَتِّشُ رَحْلَه فلا يجدُ فيه شيئًا، ثم يراه يتصدقُ بذهبٍ كثيرٍ جدًّا، وهذا أمْرٌ مشهورٌ معروفٌ عنه، وحج مراتٍ متعددةٍ، وكان له يدٌ طُولى في معرفة تراجم السَّلف وَوَفَيَاتِهم في التواريخ المتأخرة والمتقدمة، وجلس مع أخيه مُدَّةً بالديار المِصْرِيَّة، وقد استُدعِيَ غيرَ مَرَّةٍ وَحْدَهُ للمناظرة، فناظرَ وأفْحم الخصوم، وسُئِلَ عنه الشيخُ كمالُ الدين بنُ الزَّمَلْكَاني فقال: هو بارعٌ في فنونٍ عديدةٍ من الفقه، والنَّحوِ، والأصول، ملازمٌ لأنواع الخير، وتعليم العلم، حسنُ العبادة، قويٌّ في دينه، مليحُ البحثِ، صحيحُ الذهنِ، قويُّ الفهم.

قال ابن رجب: وذكره الذَّهَبِيُّ في المعجم وغيره، وأثنى عليه كثيرًا، توفي يوم الأربعاء رابع عشر جمادى الأُولى سنةَ سبعٍ وعشرينَ وسبع مئة بدمشق، وصُلِّيَ عليه الظهرَ بالجامع، وحمل إلى القلعة فَصَلَّى عليه أخوه تقيُّ الدين، وأخوه عبد الرَّحْمَن


(١) شذرات الذهب: ٦/ ٧٦.