للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بُرَيْدَة، إلَّا أنهُ لم تطل مُدَّتُه، فقد كان رحمه الله أمَّارًا بالمعروف نهاءًا عن المنكر، لا تأخُذُه في اللهِ لومةُ لائم، صَدَّاعًا بالحق لا يحابي، ولا يبالي، ولا يهاب، بل كان إذا رأى أو سَمِعَ منكرًا أَخَذَتْهُ رعدة بحيثُ لا يستطيعُ البقاءَ في مجلسٍ يجري فيه بعضُ الهزليات، ومع ذلك فقد كان دائمَ البشر ضاحكَ الوَجْه، يسبق مَنْ لقيه بالتحية والسُّؤال عن حالِهِ، ويتفقد الفقراءَ في بيوتهم، وسبب اعتزاله عنِ القضاء فيما قيل: أنَّ أميرَ البلدةِ إذ ذاك لم يقم بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقد وُجِد رَجُلٌ مع امرأةٍ أجنبية لا تحل له الخَلْوَة بها، وقد خلا بها، فلمَّا تحقَّق الشيخُ ذلك أمرَ بتعزيرهما وتأديبهما فتساهل الأميرُ ولم ينفذ أمرَ الشَّيخ، وتركهما، وكان الأمير إذ ذاك من آل أبا الخيل المعروفون، بها فغضِبَ الشيخُ كعادتِهِ من غضبه لله فاستعفى من القضاء، وأصَرَّ، فأعفي منه وبقي ملازمًا بيتَه، مواظبًا على التدريس، وحضور الجماعات في المسجد، وكان رحمه الله على غاية من الورع، يحكى عنه في ذلك حكاياتٌ لا يسع هذا المقام ذكرها، وبالجملة فهو من علماء نجد المحققين البارزين الذين جعلَ اللهُ في علمِهِم البركة، فكثرت بذلك تلامذته، وكلُّهم علماءٌ أجلاءُ، منهم الشيخ عبد الله بن بليهد وأخوه حمد، والشيخ عبد الله بن دخيل وغيرهم، ولم يزل على حاله علمًا وعملًا حتَّى وافاه أجَلُه، فانتقل إلى رحمة الله تعالى في ثالث جمادى الآخرة عصر الأربعاء، سَنَة ثمانٍ وثلاث مئة وألف، ورثاه تلميذُهُ الشيخ عبد الرَّحمن بن جلاجل وغيره، ودُفِنَ في مقبرة الصقعا شرقي بُرَيْدَة، وخلَّفَ ثلاثة أبناء ذكورًا أحدهم عبد العزيز، والثاني إبراهيم والثالث سليمان رحمه الله تعالى، وقد رأيت بقلم الشيخ سليمان بن حمدان نقلًا عن الشَّيخ عبد الله بن بليهد ترجمته بمعناه.

٢٨٨٩ - (ت ١٣٠٨ هـ): محمدٌ بنُ عثمانَ بنِ عَبَّاس بنِ محمد بنِ عثمانَ بنِ رجب بنِ زين الدين بنِ خطاب بنِ سيف الدين الحوراني المليحي الأصل، الرُّحَيْبَاني، ثم الدُّوماني، المفسر المحدثُ، الفقيه الحنبلي، الأصوليُّ الفرضيُّ، الحيسوبي الميقاتي، الفلكي، العالمُ العلامةُ، التقي الأوحدُ، نادرةُ زمانِهِ وخلاصة أوانه.