للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ذكره ابن كثير في "تاريخه" (١) بهذا اللفظ، ولم يزد على ذلك، وأرَّخ وفاته سنة تسع عشرة وست مئة. قلت: ولعله نصر بن أبي الفتح بن علي الحضرمي، برهان الدين الحنبلي، إمام مقام الحنابلة بمكة المكرمة. فقد ذكره العيَّاشي المغربي في "رحلته" المشهورة الكبرى، الواقعة في مجلدين وقال: قال ابن العربي صاحب "الفتوحات المكية" في إجازته للسلطان غازي بن أيوب: قرأت عليه "سنن أبي داود" وغيرها، وأجاز لي بمكة. انتهى. ولم يذكر وفاته فالظَّاهر أنه هذا. والله أعلم.

١١٠٥ - (ت ٦٢٠ هـ): عبد الله بن أحمد بن محمد بن قُدَامة، المَقْدِسي الجَماعِيْلي، الشيخ الإِمام الموَفَّق، الفقيه الحنبلي، صاحب التصانيف الكبار، المعتبرة المفيدة الكثيرة.

قال ابن العماد (٢): ولد بجمَّاعيل، سنة إحدى وأربعين وخمس مئة، وهاجر مع أخيه الشيخ أبي عمر، سنة إحدى وخمسين، وحفظ القرآن وتفقَّه، ثم ارتحل إلى بغداد، فأدرك الشيخ عبد القادر، فسمع منه ومن هبة الله الدَّقَّاق، وابن البَطَّي وطبقتهم، وتفقَّه على ابن المَنِّي، حتى فاق على الأقران، وحاز قصبَ السَّبْق، وانتهى إليه معرفة المذهب وأصوله، وكان مع تبحُّرهِ في العلوم وتَفَنُّنِه، ورعًا زاهدًا، تقيًا ربَّانيًا، عليه هَيْبةٌ ووَقارٌ، وفيه حِلْمٌ وتَوَدُّدٌ، وأوقاته متفرقةٌ للعلم والعمل، وكان يُفحم الخصوم بالحُجَج والبراهين، ولا يتحرَّج ولا يَنْزعج، وخصمه يصيح ويحترق.

قال الحافظ الضياء: كان تامَّ القامة، أبيض، مشرق الوجه، أَدْعَج العينين، كأنَّ النور يخرج من وجهه لحُسْنِه، واسع الجبين، طويل اللَّحية، قائم الأنف، مَقْرون الحاجبين، لطيف البدن، نحيل الجسم، إلى أن قال: رأيت أحمد بن حنبل في النَّوم فقال: ما قصّر صاحبكم الموفَّق في "شرح الخِرَقي". وسمعت ابن الصلاح المُفْتي يقول: ما أعرف أحدًا في زماننا أدرك درجة الاجتهاد إلا الشيخَ الموَفَّق.


(١) البداية والنهاية: ١٣/ ٩٩.
(٢) شذرات الذهب: ٥/ ٨٨.