للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ستٍّ وثمانين بَعْد الألف، ودُفِنَ بمقْبَرة باب الفَرَاديس. انتهى من تَرْجمةٍ حافلةٍ جدًّا كعادته في تراجم الصُّوفيَّة.

وما ذَكَرَهُ المُحِبِّي من الكِتَابَيْن وَهمٌ، بَلْ إن تصنيفه المَذْكور يُسَمَّى بالاسمين، فهما إسمان لمسمَّىً واحدٍ كما ذكره في خطْبَته، والله أعْلم.

٢٦٤٥ - (ت ١٠٨٨ هـ): محمد بن أحمد بن علي، البُهُوتيُّ المَشْهُور بالخلوتي، المِصْريُّ القاهريُّ الحنبليُّ، ابن أُخت العَلَّامة مَنْصور البُهُوتيِّ.

ذكره ابن الشَّطِّي في "مختصره" (١) وقال: هو العالمُ النِّحْريرُ، العَلَمُ الفَقِيه، إمام المَنْقُول والمعقول، مُخْرِّجُ الفُرُوع على الأُصُول، المُحَقِّقُ المُدَقِّق، المُفْتي المُدَرِّس بِمِصْر القاهِرَة، وُلد بِمِصْر ونشأ بها، وأخذ الفِقْه عن العَلَّامة عَبْد الرحمن البُهُوتيِّ تلميذِ محمد الشَّاميِّ صَاحبِ السِّيرة، ولازم خالَهُ مَنْصُورًا شارحَ "الإقْناع"، و"المُنْتَهى"، ومُحَشِّيهما المُتَقَدِّم ذكره، وأخذ العُلُوم العَقْليَّة عن الشِّهاب الغُنَيميِّ، وعليه تخرَّج، وبه انْتَفَع، واخْتصَّ بعده بالعَلَّامة نُور الدِّين عليَّ الشَّهير بالشبراملسي، ولازَمه في دُرُوسِهِ في كثيرٍ من العُلُوم، فكان لا يفارقُه في العُلُوم النَّظَريَّة، وكان يَجْري بينهما في الدُّرُوس من المُحَاورات والنكَاتِ الدَّقيقَة ما لا يعرفه أحد من الحَاضِرين، إلا مَنْ كان مِنْ أكابِر المحقِّقين، وكان الشبراملسيُّ يُجِلُّه ويُثْني عَلَيه، ويُعَظِّمه ويَحْترمُه، ولا يخاطِبُه إلا بغايةِ التَّعظيم، لما انطوى عليه من الفَضْل، ولكَوْنه رَفِيقه في الطَّلَب، ولَمْ يَزلْ ملازمًا له حتى مات. وكَتَب كثيرًا من التَّحريرات منها تَحْرِيراتُه على "الإِقناع"، وعلى "المُنْتَهَى"، جُرِّدَتْ بَعْد مَوْته من هَوَامش النُّسْخَتَين فبَلَغَتْ "حاشية الإقناع" اثني عَشَر كرَّاسًا، و"حاشية المُنْتَهى" أربعين كُرَّاسًا، وله "حاشيةٌ على شَرْح العَقَائد النَّسفيَّة للسعد" جَرَّدها من خَطِّ شَيْخه الغُنَيْميِّ فرتبَها، وله شِعْر لطيفٌ، منه قوله:

كأن الدَّهْرَ في خفضِ الأَعَالي … وفي رَفْع الأسَافِلَ واللِّئَامِ

فَقِيْهٌ عِنْدَهُ الأخبَارُ صَحَّتْ … بتَفْضِيْلِ السُّجُودِ على القِيَامِ


(١) مختصر طبقات الحنابلة: ١٢٣.