للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[أما تعففه عن أموال الناس وطلق نفسه عنها وقطع طمعه منها]

فإنه لما خرج إلى عبد الرزاق باليمن انقطعت به النفقة، فأكرى نفسه من الجمالين إلى أن وافى صنعاء، وقد كان أصحابه عرضوا عليه المواساة فلم يقبل من أحد شيئًا.

وقال عبد الرزاق: قدم علينا أحمد ها هنا فأقام سنتين إلا شيئًا، فقلت له: خذ هذا الشيء، فانتفع، به فإن أرضنا ليست بأرض متجر ولا كسب، وذلك دنانير، فقال أحمد: أنا بخير، ولم يقبل مني.

ورهن نعله عند خباز على طعام أخذه منه عند خروجه من اليمن، واكترى نفسه من أناس من الجمالين عند خروجه، وعرض عليه عبد الرزاق دراهم صالحة فلم يقبلها.

ولما خرج أصحابه تخلف من بعدهم، وقال لبقال كان له عنده درهم: خذ هذا النعل فإن بعثت إليك من صنعاء بالدرهم، وإلا فالنعل بالدرهم أرضيت؟ قال البقال: نعم، فأخبر البقال ابن أخت عبد الرزاق، فقال: ويحك لأي شيء أخذت النعل؟.

وذكر عبد الرزاق أحمد فدمعت عيناه، وقال: قدم علينا وبلغني أن نفقته نفدت، فأخذت عشرة دنانير وأقمته خلف الباب يومًا ما معه ومعي أحد وقلت له: لا يجتمع عندنا الدنانير، وقد وجدت عند النساء عشرة دنانير فخذها فأرجو أن لا تنفقها حتى يتهيأ عندنا شيء، فتبسم، وقال: لو قبلت شيئًا من الناس قبلت منك. ولم يقبل.

وقال حمدان بن سنان الواسطي: قدم علينا أحمد بن حنبل ومعه جماعة فنفدت نفقتهم فبررتهم فأخذوا، وجاءني أحمد بن حنبل بفروة فقال: قل لمن يبيع هذه فجئني بثمنها فأتسع به، فأخذت صرة دراهم فمضيت بها إليه فردها، فقالت امرأتي: هذا رجل صالح لعله لم يرضها فأضعفها، فأضعفتها فلم يقبل، وأخذ الفروة مني وخرج.

وقال رفيق له بواسط: جاء أبو عبد الله بجبة يبيعها في شدة البرد، فلم أزل به