للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الأولياء" على شيخنا ابن ناصر وقلبي يرق، وقلت في نفسي: اشتهيت أن أنقطع عن الخَلْق وأشتغل بالعبادة، ومضيت وصليت خلف الشيخ عبد القادر، فلما صلى جلسنا بين يديه، فنظر إليَّ وقال: إذا أردت الانقطاع فلا تنقطع حتى تتفقَّه، وتُجالس الشيوخ، وتَتَأدب بهم، فحينئذٍ يَصلحُ لك الانقطاع، وإلا فتمضي فتنقطع وأنت فُرَيْخٌ مارَسَّشْتَ، يعني قبل أن تتفقَّه، فإذا أشكل عليك شيء، من أمر دينك تخرج من زاويتك، وتسأل الناس عن أمر دينك، ما أحسن صاحب الزاوية أن يخرج من زاويته، ويسأل الناس عن أمر دينه! ينبغي لصاحب الزاوية أن يكون كالشمعة يُسْتضاء بنوره. قال: وكان الشيخ يتكلَّم يومًا في الإِخلاص والرِّياء، والعُجب، وأنا حاضر في المجلس، فخطر في بالي كيف الخلاصُ من العُجْب، فالتفت إليَّ الشيخ وقال: إذا رأيت الأشياء من الله تعالى، وأنه وفقك لعمل الخير، وأخرجت من البَيْن سلمت من العُجْب.

وقال ابن الحنبلي: كانت حرمة الشيخ عبد الله كبيرةً ببغداد وأصبهان، وكان إذا مشى في السوق قام له أهل السوق، وله رياضات ومجاهدات، وروى عنه ابن خليل في "معجمه". وتوفي ثالث جمادى الآخرة، سنة خمسٍ وست مئة بأصبهان. انتهى.

١٠٤٣ - (ت ٦٠٥ هـ): علي بن رشيد بن أحمد بن محمد بن حسيتا، الحَرْبوي الحنبلي.

قال ابن العماد (١): هو من أهل حربا، من سواد بغداد، أبو الحسين، قدم بغداد في صباه، وصحب عمَّه لأمِّه أبا المقال، سعد بن علي الخاطري، وقرأ عليه الأدب، وحفظ القرآن، وتفقَّه في مذهب أحمد بن حنبل، وسمع الحديث من أبي الوقت، وسعيد بن البنَّاء، وأبي بكر بن الزَّاغُوني وغيرهم، وشهد عند الحُكَّام، وتوكل للخليفة الناصر، ورفع قدره ومنزلته، ثم عزل عن الوكالة، وكان ذا طريقة حميدة، وحُسن سَمْتٍ واستقامة، وعفةٍ ونزاهةٍ، فاضلًا خيِّرًا، يكتب خطًا حسنًا على طريقة


(١) شذرات الذهب: ٥/ ١٧.