للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الظَّالِمِيْن، وزَجر البَاغِين، إذا رَأى مُنْكرًا أخَذَتْه رِغْدةٌ، وعَلَا صَوته من الحِدَّة، وإذا سَكَن غَيْظُه، وبَرَد قَيْظُه، يَقْطُر رِقَّةً ولَطَافةً، وحَلَاوةً وظَرَافَةً، وله البَاعُ الطَويلُ في عِلْم التَّاريخ، وحَفِظَ وقائع المُلُوك والأُمَرَاء، والعُلَماء والأدَبَاءِ، وكان يَحْفَظ من أشعار العَرَب العرباء. والمُوَلَّدين شَيئًا كَثِيرًا، وله في الشَّعر في المُراسَلات، والمَغْزَليَّات، والوَعَظِيَّات، والمَرْثِيَّات شيءٌ كثيرٌ، وكانت وَفَاته في مَدينة نابُلُس في شَوَّال، سنةَ ثمانٍ وثمانين ومِئةٍ وألْفٍ، ودُفِنَ من يَوْمه في تُرْبَتها الشَّمالية، وقَبْره ظاهرٌ يُزَار. انتهى المُرادُ منه، مع حَذْف أشْعارٍ له أوْرَدها هناك.

وذكره المُرَاديُّ في "سلْك الدُّرَر" (١) بترجمةٍ طويلةٍ جدًّا، وصاحب "السُّحُب" (٢) وغَيْرهم.

٢٧٢٣ - (ت ١١٨٨ هـ): إبراهيم بن محمد بنِ عَبْد الجَليْل بن أبي المَوَاهِب بنِ عَبْد البَاقي، الشَّهير بالمَوَاهبي الحنبلي، مفتي الحَنَابلة بِدِمَشْق.

ذكره الغَزِّي (٣) وقال: هو الشَّيخ الصَّالح، الفَاضِل الكَامِل، الفَقِيْه البَارع، النَّبِيْل، النَّبِيْه، بُرْهَان الدِّين، وُلد بِدِمَشْق سنةَ خمسٍ وأرْبَعِيْن ومئةٍ وأَلفٍ، ونشأَ بها، وتَلا القُرآن العَظِيْم على شَيخِنَا مقرئ دِمَشْق الشَّيخ محمد بن عَبْد الرحمن المَكتبيِّ النَّابُلُسيِّ، واشْتَغَل بَعْد ذلك بطَلَبِ العِلْم، فقرأ الفِقْه والعَربيَّة على أمين فَتْواه في حياته شيخِنَا الشِّهاب أحمد بن عَبْد الله البَعْليِّ، وعلى غَيرِهِ، وله إجَازةٌ من والدِهِ الشَّمْس محمد المُتَقَدِّم ولَمَّا تُوُفِّي أَخُوه الشِّهاب أَحْمد سنةَ اثنتَيْن وسَبْعين ومئةٍ وألْفٍ جَلس مكانَهُ للفَتْوى، ووُجِّهَتْ إِلَيْه بِمَرسُومٍ من قاضي القُضَاة بِدِمَشْق، وَبَقِيَ مُفْتِيًا إلى وَفَاتِهِ، وكانت له عِدَّة وَظَائف دينيَّةٍ، وُجِّهَتْ له عَنْ والده وأخيه، فقام بها أحْسَن قِيَام، وكان شَهْمًا متواضعًا، لَيِّن الجانِبِ، ذا أبَّهةٍ ووَقَار، نحيفَ الجِسْم، فقِيْرًا صابرًا، وامْتُحِن بِمحْنةٍ فَخَلَّصه الله منها بحُسْن إخلاصه، وبَيَاض سَرِيْرَته، وَلَمْ يَزَلْ على أحسَن سِيْرةٍ حتَّى تُوُفي، وكانت وَفَاتُه


(١) سلك الدُّرر ٤/ ٣١.
(٢) السحب الوابلة: ٢/ ٨٣٩ - ٨٤٦.
(٣) النعت الأكمل: ٣٠٧.