ذكره الشَّيخ سُلَيْمان بن حَمْدان فيما قَرَأتُه بخَطِّهِ فقال: هو من سبيع، سُكَّان الحَزْمَة، وُلد في بَلد عُنَيْزَةَ سنةَ ثلاث مئة وألفِ، ونَشَأ على يَدِ وَالدِهِ، فلما شَبَّ وبَلَغ سِنَّ التَّمييز أدْخَلَهُ المَكْتَبَ، فقرأ القُرآن وحَفِظَه عن ظَهْر قَلْبٍ، ثم اشتغل بطلب العِلْم، فقرأ على الشَّيخ عَبْد الله بن محمَّد بن مَانِع قاضي عُنَيْزَة عِدَّة كُتُبٍ، وعَلى الشَّيخ صالح بنِ عُثمان القاضي في "الإقناع"، وفي "مُنْتَقى الأَخبَار"، و"بُلوغ المَرَام"، وكان "البلوغ" من مَحْفُوظاته، وكتاب "التَّوحيد" للشَّيخ محمَّد بن عَبْد الوَهَّاب، وعلى الشَّيخ محمَّد بن عَبْد الله بنِ سَلِيْم "آداب المَشي إلى الصَّلاة"، و"مُفِيد المستَفيْد" و"الرَّحبيَّة" في الفرائض وبعضَ "عُمدَةِ الفِقْه"، وقرأ على الشَّيخ عَبْد الله بن بُلَيْهِد، عِدَّة كُتُب، منها "بُلُوغُ المَرَام" و"دَلِيل الطَّالب" في الفِقْه الحَنْبليِّ، وسَافَر مرَّاتٍ إلى حائل، فقرأ على الشَّيخ صَالِح السَّالم "شَرْح الأربَعين"، وقرأ على قاضِيها إذ ذاك الشَّيخ يَعْقُوب بن محمَّد بن سَعْد في "الآجُرُّومِيَّة" وشَرْحَها، وقرأ على عِيْسى بن مهوس في "الهدي"، وقرأ في بُرَيْدَة أيْضًا على الشَّيخ عَبْد الله بن محمَّد بن فدا "مُلْحَة الإعْراب"، وعلى الشَّيخ عَبد الله بن محمَّد بن سَلِيْم في الفرائض فَقَطْ، وتَوَلَّى قَضَاء الوَجْه سَنَتَيْن، وهُمَا سَنَةَ سَبْعٍ وسَنَةَ ثمانٍ وأربعين وثلاث مئة وألف، ثم نقل إلى قَضَاء القُنْفُذَة سنةَ تِسْعٍ وأربَعيْن وثلاث مئة وألف، ثم إنَّه اسْتُعْفِيَ من القَضَاء، بل ومن جَميْع الوَظَائف، وألَّف رَدًّا على حَسَن الكَاظِميِّ فيما انْتَقَده على شَيْخه عَبْد الله بن بُلَيْهد من الأمر بهَدْم القِبَاب المبْنيَّة على القُبُور، ومَنْع دُعَاء الصَّالحين والأولياء، وتُوُفَّي سنةَ ثمانٍ وخمسين وثلاثِ مئةِ وألْفٍ بمكَّة، ودُفِنَ بالشُّهَداء رَحِمه الله، وكان رحمه الله آيةً في الحِفْظ والاستِحْضار على جَانبٍ عظيم من العِبَادَةِ والتهَجُّد وخُشُونَة العَيِش والمَلْبَس، ولين الجانِب ومُجَالسة الفُقَرَاء، ومحبة العُلَمَاء والبَحْث معهم، ليِّن الجانِبِ إلى كُلَّ أحَدٍ،