بَعْد وفاة شَيْخِنا الشَّيْخ سَعْدِ بن حَمْد بن عَتِيْق رَحِمَه الله طَلَبَهُ أن يَكُون عِوَضًا عَنْه، ومَرْجعًا في بَلد الرِّيَاض، وألحَّ عَلَيه فاعْتَذَر، فقَبِلَ عذره، ولو ظَفَر بِذَلِكَ المنْصِب بَعْض النَّاس لجَالَدُوا عَلَيْه بالسُّيُوف، ثم إنَّه عُزِل عن قَضَاء المجمعة في ثلاثين شَوَّال، سنةَ ستيْن وثلاث مئةٍ وألفٍ.
قلت: بقي بعد عَزْله عن قَضَاء المجْمَعة يُدَرَّس ويُفْتي ويَعِظُ - رحمه الله - إلى أن تُوُفِّي رابعَ صفَر، سنةَ اثنين وسبعين وثلاثة مئة وألْفٍ رحمه الله، وله "حاشِيَةُ شَرْح زَاد المُسْتَقْنِع"، وقد طُبِعَت مَعَهُ.
٣٠٣٧ - (ت ١٣٧٣ هـ): الشَّيخ فَوْزَان بن سَابِق بن فَوْزان آل عُثْمان، البُرَيْديُّ القصَيْمي النَّجْديُّ.
ذكره الزَّرِكْلِيُّ في "الأعْلام"(١) فقال: مُعَمَّر من فضلاء الحَنَابِلَة، له مشارَكةٌ في السِّيَاسةِ العَرَبيَّة، وُلِد في بُرَيْدة، سنةَ خمسٍ وسَبْعيْن ومئتَيْن وألف، ونشأ بها، واشتَغَل وتَفَقَّه، ثم اشتَغَل بتِجَارة الخيل والإبل، فكان يتَنَقَّل بَيْن نَجْد والشَّام، ومِصْر والعِرَاق، وناصر حركة الأمير الملك عَبْد العَزِيْز بنِ عَبْد الرَّحمن مُؤَسِّسِ الدَّوْلة السُّعُوديَّة الثَّانية، أيّام حُرُوبه مَعَ التُّرْك العُثْمانيِّيْن في القَصِيْم وتلْك الأطْراف، واتصَل برِجَالات الشَّام قَبْل الدسْتُور العُثْمانيِّ، كالشَّيخِ طَاهِر الجَزَائريَّ، وعَبْد الرَزَّاق البِيْطَار، وجمال الدِّين القَاسِميِّ، ثم محمَّد كُرْد عَلِي، وهو الذي سَاعد الأخير على فراره الأوَّل من دِمَشْق، وقد أراد أحَدُ الوُلَاة القَبْض عَلَيْه، فأخْفاه فَوْزَان ونَجَا بِهِ إلى مِصْر، ولَّما كانَتْ الدولة السُّعُوديَّة في بَدْء استقرارِهَا عُيِّن فَوْزان مُعْتمدًا لها في دِمَشْق، ثم في القَاهِرة، وصَحِبْتُه اثني عَشَر عامًا وهو قائمٌ بأعمال المُفَوَّضِيَّة العَربيَّة السُّعُوديَّة بمِصْر وأنا مُسْتَشَارٌ لَها، وكان المَلِك عَبْد العَزِيز يَرَى وُجُودَه في العَمَل - وقَدْ طَعَن في السِّنِّ - إنَّما هُوَ للبَرَكَة، ورُزِقَ بابنٍ، وهو في نَحْو الثَّمانين، فأبْرق إلَيْه المَلِك عبد العزيز بالجِفْر (الشِّيْفرة): سُبْحَان من يُحْيي العِظَامَ وهِيَ رَمِيْم. وجُعِل بَعْد ذلك وَزِيْرًا