للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[وأما إجابته الدعوة، وخروجه لرؤية المنكر، وإيثاره للعزلة والوحدة وخمول الذكر، واجتهاده في ستر الحال]

فقد كان يأتي العرس والإملاك والختان، يجيب ويأكل.

ودعاه رجل فقال له: ترى أن تُعفيَني بعد الإِجابة؟ فقال: لا، فذهب الرجل فأقعد مع أحمد من لم يشته أحمد أن يقعد معه، فقال أحمد: رحمَ الله ابن سيرين فإنه قال: أكرم أخاك بما يحب، أو قال: بما لا يشق عليه، لكن أخي هذا أكرمني بما يشق عليّ.

وختن رجل ابنه فدعا أصحاب الحديث ومنهم أحمد بن حنبل، فذهب بعدهم، فلما دخل أُجلس في بيت ومعه جماعة من أصحاب الحديث، فقال له رجل: يا أبا عبد الله ها هنا آنية من فضة، فالتفت فإذا كرسي، فقام وخرج ومعه مَن كان في البيت، فأخبر الرجل فلحق أحمد وحلف أنه لا يعلم ذلك ولم يأمر به، فأبى، وتشفع بغيره فأبى أن يرجع، وقال: زي المجوس زي المجوس، وجعل ينفض يده في وجهه.

[وأما إيثاره خمول الذكر واجتهاده في ستر الحال]

فقد دخل عليه عمه ويده تحت خده، فقال له: يا ابن أخي أي شيء هذا الغم؟ أي شيء هذا الحزن؟ فرفع أحمد رأسه فقال: يا عم طوبى لمن أخمل الله عزّ وجلّ ذكره.

وكان إذا رأيته تعلم أنه لا يظهر النسك، وكان عليه نعل لا يشبه نعل القُرَّاء، له رأس كبير معقف، وشراكه حبل، كأنه اشتُري له من السوق، وعليه إزار وجبة برد مخططة تركًا للتزيي بزي القُرَّاء، وإزالةً للشهرة.

وقال مرة لعبد الوهاب: أخمل ذكرك فإني قد ابتليت بالشهرة، والله لو وجدت السبيل إلى الخروج لم أقم في هذه المدينة، ولخرجت منها حتى لا أذكر فيها عند هؤلاء ولا يذكروني.

وصلى الغداة مرة فتبعه قوم فقال: لا تتبعوني مرة أخرى. وكان إذا مشى في