للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مُبْتَدأ القرن الحادي عشر

٢٦١١ - (ت ١٠٠١ هـ): محمد بن أحمد، الخُرَيشيُّ المَقْدسيُّ الحنبلي.

ذكره المُحِبّيُّ في "خلاصة الأَثَر" (١) وقال: هو الشَّيخُ العالمُ الفاضلُ الهُمَامُ، الفَقِيهُ الحنبليُّ، أوْحَدُ عَصْره فَضْلًا ونُبْلًا، ووَحِيدُ دَهْره في العُلُوم عَقْدًا وحَلًا. ترجمه الشَّمسُ الداوُديُّ وقال: وصَلَ إلى القَاهِرَة، واشتغل في الجامِع الأَزْهر وغيره، وأقام بها مدَّةً طَويلةً، حتى بَرَعَ وتميَّز، وتأهَّل للتَّدريس والفَتْوى، وأجيز بذلك من شيوخِهِ المِصْرِيَّين، ثم قَدِمَ إلى القُدس، وأقام بها ملازمًا على الدُّرُوس، وكان عالمًا خاشعًا، ناسِكًا مُتَقَلَّلًا من الدنيا، قانعًا باليَسير، طويل التعبُّد، كثير التهجد، ملازمًا على تلاوة القُرآن، وتَعْليم العِلْم، انتَفَع به أهل القُدس انتفاعًا ظاهِرًا، وكثيرٌ من أهل نَابُلُسِ، وخُصُوصًا في العربيَّة، وكان إمامَ الحنابلة ومُفْتِيَهُمْ في عَصْره، وكان يَعِظ النَّاس ويُذَكَّرُهم، وحَصَل بينه وبينَ صَاحِبنا الشَّيخ محمد بن شَيْخِنا الشَّمس محمد بن أبي اللُّطف وَحْشَةٌ أدَّتْ إلى ترك ذلك، قيل: إن سبَببَها أن الخُرَيْشيَّ وَقَف على حُكْم العَذَبة والتَّلَحَّي واستحباب ذلك، فأرخى له عَذَبَةً ثم تَلحَّى، وكان له طَلَبَةٌ ومُحِبُّون يعتقدونه، فأخذوا بالاقتداء به، وكَثُر متعاطو ذلك، وصار بعض النَّاس يَضْحَكُون منه ومِنْهم، ويأمُرونَهُمْ بتَرْك ذلك، وهو يَحْملُهم على الملازمة وعدمِ الالْتِفاتِ لقول المُنْكِرين، فأدَّى ذلك إلى أن أفتى الشيخ المذكور بأَنَّ التَّلَحَّي بدعةٌ، ويُعْزر مُتَعاطِيْهِ، فتسَلَّط على المُلْتَحين السُّفَهاءُ، يُؤْذونَهُم ويُؤْذون الشَّيخَ المذكورَ، ويقولون هو مُبْتدِعٌ، وسَعَوا في منعه من الوَعْظ، فتَرَكَ ذلك وتحمَّل الأَذَى وصَبَر، فلم تَمْضِ مُدَّةٌ قليلةٌ حتى مات الشيخ اللُّطفي مَسْكوتًا، فصار النَّاس


(١) خلاصة الأثر: ٣/ ٣٤٠.