للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فقال: تعرف رجلًا يقال له أحمد بن حنبل؟ فقال أنا أحمد بن حنبل. فقال: وأنا إسحاق بن رَاهُوْيَه.

أمَّا ما جرى له مع ولديه وعمه حين قبلوا صلة السلطان:

فقال صالح: لما قدم أبي من عند المتوكل مكث قليلًا، ثم قال: يا صالح، قلت: لبيك. قال: أحب أن تدع هذا الرزق فلا تأخذه، ولا توكِّل فيه أحدًا، قد علمتُ أنكم إنما تأخذون هذا بسببي، فإذا أنا مت فأنتم تعلمون، فسكتّ. فقال: مالك؟ فقلت: أكره أن أعطيك شيئًا بلساني وأخالف إلى غيره؛ فأكون قد كذبتك ونافقتك، وليس في القوم أكثر عيالًا مني ولا أعذر، وقد كنت أشكو إليك فتقول: أمرك منعقد بأمري، ولعل الله أن يحل عني هذه العقدة، وقد كنتَ تدعو لي وأرجو أن يكون الله عزّ وجلّ قد استجاب لك. فقال: ولا تفعل؟ فقلت: لا. فقال: قم فعل الله بك وفعل، ثم أمر بسد الباب بيني وبينه، فتلقاني عبد الله وسألني فأخبرته، فقال: ما أقول؟ قلت: ذاك إليك. فقال له مثل ما قال لي: فقال: لا أفعل، فكان منه نحو مما كان منه إليّ. ولقينا عمه فقال: لم أردتم أن تقولوا له؟ وما كان علمه إذا أخذتم شيئًا؟ فدخل عليه وقال: يا أبا عبد الله: لستُ آخذ شيئًا من هذا، فقال: الحمد لله. فهجرنا وسدَّ الأبواب بيننا وتحامى منازلنا أن يدخل منها إلى منزله شيء، وقد كان قديمًا قبل أن نأخذ من السلطان يأكل عندنا، وربَّما وجَّهنا بالشيء فيأكل منه ولما مضى نحو من شهرين كُتِبَ لنا بشيء فجيء به إلينا، فأول من جاء عمُّه فأخذ، فَأُخبِر فجاء إلى الباب الذي كان سدَّه بيني وبينه، وقد فتحَ الصبيان كُوَّة فقال: ادعوا لي صالحًا. فجاءني الرسول فقلت له: لست أجيء. فوجَّه إليَّ: لِمَ لا تجيء؟ فجيئت فقلت له: هذا الرزق يرتزقه جماعة كثيرة، وإنما أنا واحد منهم، وليس فيهم أعذر مني، فإذا كان توبيخ خصصت به أنا؟ فمضى فلما نادى عمُّه بالأذان خرج. قيل لي: إنه قد خرج إلى المسجد، فجئت حتى صرت إلى الموضع الذي أسمع كلامه، فلما فرغ من الصلاة التفت إلى عَمَّه فقال: يا عدو الله! نافقتني وكذبتني، وكان غيرك أعذر منك! زعمتَ أنك لا تأخذ من هذا شيئًا ثم أخذتَ، وأنت تشغل مائتي درهم، وعمدتَ إلى طريق