[(ذكر الوقت الذي ابتدأ فيه بالتحديث والفتوى، وبذله للعلم واحتسابه في ذلك وذكر مصنفاته، وكراهيته وضع الكتب المشتملة على الرأي ليتوفر الالتفات إلى النقل وكراهيته أن يكتب كلامه أو أن يروى)]
[أما الوقت الذي ابتدأ فيه بالتحديث والفتوى]
فكان يفتي في شبابه في بعض الأوقات، ويحدث إذا سئل، ولا يعتبر سِنَّ نفسه.
قال القُوْمِسِي: رأيت أحمد بنَ حنبل في مسجد الخِيف في سنة ثمان وتسعين ومئة مستندًا إلى المنارة، وجاء أصحاب الحديث فجعل يعلمهم الفقه والحديث، ويفتي في المناسك فتيًا واسعة، فوقفت عليه ولم أكن عرفته، فقلت لرجل: مَنْ هذا؟ قال: أحمد بن حنبل، فانتظرته حتى تفرق الناس، ثم أخذت بيده فسلمت عليه، فجرت بيني وبينه المعرفة من ذلك الوقت.
قال ابن الجوزي: لم يتصدر أحمد بن حنبل للفتيا ولم ينصب نفسه لها إلا بعد الأربعين سنة من عمره.
قال حجاج بن الشاعر: جئت إلى أحمد بن حنبل فسألته أن يحدثني في سنة ثلاث ومئتين فأبى، فخرجت إلى عبد الرزاق، ثم رجعت سنة أربع وقد حدث أحمد واستوى الناس عليه وعمره أربعون سنة.
[وأما بذله العلم واحتسابه في ذلك]
فسأله رجل عن حديث، فأمر ابنه عبد الله وقال: أَخرِجْ إليَّ كتاب الفوائد، فأخرجه، فجعل يطلبه فلم يجد الحديث، فقام بنفسه فنزل عن ظهر مسجده، ودخل منزله، فلم يلبث كثيرًا ثم عاد إلينا وعلى يده عدد أجزاء من الكتب، فقعد يطلب