التابعين عليه مزية، ولا أعرف أحدًا يقدر قدره، ولا يعرف من الإِسلام محله، ولقد صحبته عشرين سنة صيفًا وشتاءً، وحرًّا وبردًا، وليلًا ونهارًا، فما لقيته لقاءً في يوم إلا وهو زائد عليه بالأمس، ولقد كان يقدِّم أئمة العلماء من كل بلد وإمام كل مصر، فهُم بجلالتهم ما دام الرجل منهم خارجًا من المسجد، فإذا دخل المسجد صار غلامًا متعلمًا. وقال أيضًا: التابعون كلهم وآخرهم أحمد بن حنبل - وهو عندي أجلُّهم - يقولون: من حلف بالطلاق أن لا يفعل شيئًا ثم فعله وهو ناسٍ كلهم يلزمونه الطلاق.
[أبو بكر الأثرم]
ناظر الأثرم رجلًا فقال: من قال بهذه المسألة؟ فقال الأثرم: من ليس في شرق ولا غرب مثله. قال: من؟ قال الأثرم: أحمد بن حنبل.
عبد الوهاب الورَّاق:
قال عبد الوهاب: لما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فرُدُّوه إلى عالمه"، فرددناه إلى أحمد بن حنبل، أحمد بن حنبل إمامنا، وهو من الراسخين في العلم، إذا وقفتُ غدًا بين يدي الله تعالى فسألني بمن اقتديت؟ أقول: بأحمد بن حنبل، وأيُّ شيء ذهب على أبي عبد الله من أمر الإِسلام وقد بُلي عشرين سنة في هذا الأمر؟! والله ما رأيت مثل أحمد بن حنبل، فقيل له: أيُّ شيء بان لك من فضله على سائر من رأيت؟ قال: رجل سئل عن ستين ألف مسألة فأجاب فيها بحدثنا وأخبرنا.
مُهَنَّأ بن يحيى الشامي:
قال مُهَنَّأ: ما رأيت أجمع لكل خير من أحمد بن حنبل، وقد رأيت سفيان بن عيينة، ووكيعًا وعبد الرزاق، وعقبة بن الوليد، وضمرة بن ربيعة، وكثيرًا من العلماء، فما رأيت مثل أحمد بن حنبل في علمه وفقهه وزهده وورعه.
أقول: وهذا باب واسع جدًا، ولنقتصر على هذا خشية التطويل والملل، والله أعلم.