كامِلًا، نبيلًا فقيهًا مشتغلًا، مَشْهُور السُّمْعَة، جَرِيئًا في فَصْل الأمور، أخذ عن والده، ورَحَل إلى مِصْر في سنة خَمْسٍ بَعْد الألف، وأخذ بها الحَدِيثَ عن النُّور الزِّيَاديِّ، وتَفَقَّه بالشَّيخ يحيى بن الشَّرف مُوْسى الحَجَّاويِّ، وبالشَّيخ الإمام عَبْدِ الرَّحمن بن يوسف البهوتيِّ، وأجازَهُ بالفَتْوى والتَّدْرِيس، واسْتفاد وأفاد، ثم رَجَع إلى دِمشْق سنةَ سَبْعَ عَشْرة بَعْد الألف، ووَلِيَ قَضَاء الحَنَابِلَة بالمَحْكَمة الكُبْرى أولًا، ثمَّ صار قَاضِيَ الحَنَابلة بمَحْكَمَة البَاب. وتُوُفِّي في سادس عَشَرَ شَعْبان، سنةَ ستٍّ وثَلاثينَ بَعْد الأَلْف. انتهى.
٢٦٢٥ - (ت ١٠٣٨ هـ): أحمد بن أبي الوَفَاء عليِّ بن إبراهيم بن محمد ابن عبد الله بن محمد بن مفلح بن محمد بن مفرج، المُفْلِحي الصَّالحي ثم الدِّمَشْقي، شِهَاب الدِّين المُكْنَى بأبي الوَفَاء الحَنْبليِّ بن قاضي القُضَاة عَلَاء الدِّين أبي الوَفَاء بن قَاضي القُضَاة بُرْهان الدِّين بن قاضي القُضاة أكْمَل الدِّين بن قاضي القُضَاة شَرَف الدِّين بن قاضِي القُضَاة شَمْس الدِّين بن الإمَام زَيْن الدِّين أبي المفاخر مُفْلح، المَقْدِسِي الأصل.
قال المُحِبِّيُّ في "خُلاصَةِ الأَثر"(١): هو الإمام العَلَّامة النَّحْرير، المُحَقِّق الكَبْير، الفَقِيْه المُحَدِّث، الوَرعُ الزَّاهد، الثَّبْتُ الخَيِّر، كان أحد العُلَماء بالشَّام المُلازمينَ على تعليم العِلْم والفُتْيا، وكان له المَتَانَةُ الكَامِلَةُ في الفِقْه والعَرَبيَّة والفَرَائِض، والحِسَاب والتَّاريخ، ولأهل دِمَشْق فيه اعتقاد عَظِيْم، وهو مَحَلُّه وأهله، وكان مُتَجنِّبًا غَالِبَ النَّاس، وله مُدَاوَمَةٌ على تِلاوة القرآن والعِبَادة، أخذ عن الجُلَّة من مشايخ عصره، منهم جَدُّنا العَلَّامة شيخ الإِسْلام البَدْر مُحَمد الغزِّي العَامِريُّ والعَلَّامة أبو الفِدَاء إسماعيل بن إبراهيم النَّابُلُسي الشَّافعي، وأخذ الفِقْه عَن الفَقِيه الكَبِيْرِ الشَّرف مُوسى الحَجَّاويِّ، صاحب "الإقناع"، وأخذ عن الإمام المُحَدِّث الكَبِيرِ الشَّمس محمد بن طُولُون الصَّالِحِيِّ، وبَرَعَ في أنواعِ العُلُوم، ودَرَّس بِعِدَّة مَدَارس منها: دارُ الحَدِيث بصَالِحيَّة دِمَشقَ بالقُرْبِ من المَدْرَسة