للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

القضاء، فقال: اكتب لي صكًا أنِّي أعيشُ بعدَه، وسار إلى أن وَصَل إلى المدينة، وأخذ عن علمائها كالشيخ مصطفى الرَّحْمتي وغيره. وفي الحديث والفقه عن الشَّيخ أحمد بن رَشِيد الحنبلي، وقد أخذ عن شيخِهِ محمد بن فَيْروز حين قَدِم البَصْرة، فقد شارك شيخهُ في بعض مشايخه، ثم صار مقرئَ درس الشَّيخ محمد بن رَشِيد المذكور، إلى أن هَجَم عليهم سعود، فصانَعَهم الشيخُ أحمد، فقطع محمد حضورَ درس الشيخِ أحمد، فعَاتبه فقال له: إنهم يأمرونك بقراءة رسائلهم التي فيها تكفيرُ المسلمين، فكيف أقرؤها وأسمعها، أما تَذْكُر وصيةَ شيخك المرحوم محمد بن فيروز حين أوصاك بقوله:

إِحذر تُصَبْ بعارِضٍ … من مَحْقِ أهلِ العارِضِ

فقد ظهرت إشارته وتحققت مكاشفتُه فقال: الله يعلم أني معهم في الظاهر لا في الباطن، فقال له الهُدَيْبي: لم؟ فقال: لأُدافع عن نفسي وأصحابي. إلى أن قال صاحب "السُّحب الوابلة": وجاورَ المترجَم بمكةَ عشرينَ سنة، وبالمدينةِ عشرين سنة أيضًا، وكان في أول مجاورَتِهِ بمكةَ يتسبَّبُ بالتجارة، مع غاية التَّحري في العُقود، والقناعةِ بالربح اليَسِيْر، وانقطع، فكان لا يخرجُ من المسجدِ إلا لبيته لما لا بدَّ منه، مواظِبًا على الصَّلاة مع الإمام الأول، وكان كثيرَ الخشوعِ دائمَ السجود والرُّكوع، عابدًا، ورعًا، لا يأكلُ شيئًا من مال السَّلاطِين، بل يُعطِيه لبعض تلامذَتِه، كثير القراءةِ لِكُتبِ التفسير والحديث، إذا قرأها لا يَملك عَيْنَيِهِ من البُكاء، خُصوصًا الغزوات، ولا يُخلُّ بوظائفه الليلية والنَّهارية، وتوفي في المدينة المنوَّرة، ثالث عشري ذي القعدة، سنة إحدى وستين ومئتين وألف، ودُفن بالبقيع. انتهى ملخصًا من ترجمة طويلةٍ جدًا.

٢٨٣٣ - (ت ١٢٦٣ هـ): إبراهيم الكُفَيْري، الحنبلي.

ذكره ابن الشَّطِّي في "مختصره" (١) وقال: هو العالمُ الفاضلُ، الفقيهُ الفَرَضيُّ، الأَوْحد، تفقَّه على الشَّيخ مصطفى السُّيوطي، والشَّيخ غنَّام النَّجدي،


(١) مختصر طبقات الحنابلة: ١٨٥.