كتابًا أو يُطالِعَهُ إلا ويكتُبُ عليه أبحاثًا عجيبةً، واستدراكات غريبةً، وفوائدَ لطيفةً، فمنها الكثيرُ، ومنها القليلُ، ومن أكثرها مما رأيتُ "شرح المنتهى" للشيخ مَنْصُور، قد ملأ حواشيها بخطه الضَّعيف المُنَّور، ولم يَدَعْ فيه محلًا فارغًا، بحيث إني جرَّدتها في مجلدٍ، وضَمَمتُ إليها ما تيسَّر من غيرِها، وفيها فوائد بديعة لا تُوجد في كتاب، وكذا رأيتُ شرح "الإقناع"، و"التصريح" و"شرح عُقود الجُمان" للمرشدي، و"شرح جمع الجوامع"، الأصولي وغيرها، وصنَّف تصانيف عديدة، منها ما كَمُلَ، ومنها ما لم يَكْمُل، لاختِرامِ المنيَّة له في سِنِّ الشَّبيبةِ، فمنها "حاشية على شرح المقنع"، وصل فيها إلى الشَّركة، وهي مفيدة جدًا، ومما كَمُلَ "شرح الجوهر المكنون" للأخضري في المعاني والبيان والبديع، وله ""حاشية على المقنع" كمُلَت وطبِعت معه، ومنها: "إبداء المجهود في جواب سؤال ابن داود" وذلك أن تلميذه الشيخ عبد الله بن داود سأله عن القول المَرجوح، وعن المقلِّدِ المَذْهَبِيَّ، وعن النَّاقل المُجرِّد، ومنها "القول السَّديد في جواز التقليد"، ومنها: "زوال اللَّبْس عمَّن أرادَ بيان ما يُمكِن أن يُطلِعَ اللهُ عليه أحدًا من خلقِهِ من الخَمْس"، وله قصائد بليغة، ومقطعاتٌ عدِيدةٌ، وتوفي في شهر رمضان، سنةَ خمسٍ ومئتين وألف في بلد الزُّبَارة، من ساحل عُمان، ودُفِنَ بها، ورُثِيَ بقصائد شتَّى من غير أهلِ مذهبه. انتهى.
٢٧٥٦ - (ت ١٢٠٥ هـ): إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم بن سُليمان بن أبي يوسف النَّجْدي الأصل والشُّهْرَةِ، الأشيقري - نسبةً إلى بلدة أَشيقر من بلدان نَجْد، نزيلُ دمشق - الفقيهُ الحنبلي.
ذكره الغزِّي (١) وقال: هو الشيخُ الصَّالح، الفاضِلُ، الفقيهُ الفَرَضي، المحصَّل، اللبيب النَّاسك، المُتَقشَّف، بقيةُ السَّلف الصَّالح، بُرهان الدِّين، ولد في منتصف جمادى الآخِرةِ، سنة ستٍ وأربعين ومئة وألف، وقرأ القرآن العظيم على محمد بن أحمد بن سيف، وأحمد بن سليمان النجديَّين، وأخذ بعد ذلك في طلبِ العلم، فقرأ في مبادئ الفِقه، على خالِهِ الشيخ عثمان بن عبد الله،