للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٣٠٣٦ - (ت ١٣٧٢ هـ): الشَّيخ عَبْد اللهِ بن عَبْد العَزِيز بن عَبْد الرَّحمن ابن محمَّد بن إبْرَاهِيْم بن سُلَيْمان بن نَاصِر بن إبْراهِيم، العُنْقَري النَّجْديُّ الحنبليُّ.

ذكره تِلْمِيْذُه الشَّيْخ سُلَيْمان بن حَمْدان فيما قرأتُه بخَطِّه فقال: يتَّصل نَسَبُه إلى سَعْد بن زَيْد مَنَاة بن تَمِيْم، هكذا نَسَبَ لي نفسَهُ بَعْد طَلَبِي منه ذلك، وهو شَيْخُنا العَالِم العَلَّامة المُحَقِّق، القُدْوَةُ العُمْدَة الفَهَّامَة المُدَقِّق، المعرق في النَّسَب والحَسَب، والمُتَمسِّك من الدَّيْن والعِلْم بأقْوى سَبَبٍ، فريدُ دَهرِهِ، ووَحِيْد عَصْره، وشُهْرَتُه تُغْنِي عن الإطْنَاب في ذِكْرَه، كانت قَرْيةُ ثَرْمَدا من قُرَى الوَشْم منزل آبائه من أزْمِنَةٍ متطاولة لا يُعْهَد أوَّلُها، وكانت إمارَةُ القَرْيةِ فيهم، لا يُنَازعُهُم فيها مُنَازع، وُلِد المُتَرْجَم لسَبْعٍ بَقِيْن من رَجبٍ سنةَ تسعِين ومئتَين وألْفٍ في قَرَية أُثَيْفِيَةَ بلَد أخْوالِهِ، وإحدى قُرى الوَشْم، والمَذْكور في كُتُب المَعَاجم أَنَّه كان يَسْكُنُها قديمًا جَرْير الخَطَفي الشَّاعِر المْشهُور، ثم تُوُفِّي وَالِدُه وَهُو في الحَوْلَيْن قبلَ فِطامه، فنشأ يَتيْمًا في كَفَالة عمَّتِهِ، فربَّتْه أحسنَ تَرْبيَةٍ، ولما بَلَغ من التَّمييز كُفَّ بَصرُه على إثر الجُدَرِيِّ، فأدْخَلَتْه الكُتَّاب، فحَفِظَ القُرآن عن ظَهْر قَلْبِه، ثم حَفِظَ جُمْلةً من المُتُون في فُنُون عديدةٍ منها "ثلاثة الأصول"، وكتاب "التَّوحيد". و"كشف الشُّبهات"، و"آداب المَشْي إلى الصَّلاة"، و"الوَاسِطِيَّة"، و"التَّدمُريَّة"، و"الحَمَويَّة"، و"الأربَعُون النَّووِيَّة"، و"بُلُوغ المرام"، و"مُخْتَصرُ المُقْنِع" و"العُمْدَة للمُوَفق"، و"الرَّحبيَّة"، و"الآجُرُّوميَّة"، و"المُلْحة" و"ألفية ابن مالك"، و"البَيْقُونيَّة"، و"النُّخْبَة لابن حَجَر" و"الوَرَقَات في الأُصُول" للجُوَيْنيِّ، و"الجَزَريَّة" وغيرَها، حَفِظَ هذه المُتُون وهُو في ثَرْمَدا، وقَبْل الانقطاع للطَّلَب بالكُلِّية، وما زال يتنَقَّل في مَراتِبِ الكَمال من حَسَنٍ إلى أحْسن، وَيتَزايَدُ ذَكَاؤه.

وإذا رأيتَ من الهلالِ نُمُوَّهُ … أيقنتَ أنْ سيصير بدرًا كاملًا

حتَّى هزَّه الشَّوْقُ إلى الرِّحلة في طَلَب العِلْم، والتَّخرُّج بالأكابر من عُلَماء وَقْته، فسَافر إلى الرِّياض عاصمة نجْد سنةَ إحدى عَشْرة وثلاث مئة وألْف، وهي إذ ذاك آهِلَةٌ بالسُّكَّان، وآهلة بالعُلَمَاء الهُدَاة الأعْلَام، فأخَذَ عَنْهم، ولازَمَهُم مُدَّةٌ طَويْلةً، حتَّى بَرَعَ وصار آيةً في الفَهْم والذَّكاء، فمن مَشَايخه الذين أَخَذ عَنْهم