للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جماعة، وتفقَّه بها أيضًا وتفنَّن في علوم شتَّى، وتزوَّج بها، ووُلِد له، ثمَّ انتقل إلى مصر، وسكَنَها إلى أن مات بها، وعظُمَ شأنهُ بها، وصار شيخَ المذهب عِلمًا وصلاحًا، وديانةً ورئاسة، وانتفع به النّاسُ، ووَلِيَ بها مَشْيَخَة خانقاه سعيد السعداء، وتدريسَ المدرسة الصّالحيَّة، ثم ولي قضاء القضاة مدة، ثم عُزل منه واعُتقل مدةً، ثم أُطلق، فأقام بمنزله يُدرس بالصالحيَّة، ويُفتي ويقرئ العلم إلى أن توفي. قال القُطْبُ اليُونِيْني: كان من أحسن المشايخ صورةً، مع الفضائل الكثيرة التامّة، والدِّيانة المُفرِطة، والكَرَم، وسعة الصَّدر. وهو أوَّلُ من درَّس بالمدرسة الصّالحيَّة للحنابِلَة، وأوَّلُ مَنْ ولي قضاءَ القُضَاة بمصر. وكان كاملَ الآداب، صَدرًا من صُدور الإِسلام، سيِّدًا مُتبَحِّرًا في العلوم، مع الزُّهد الخارج عن الحدِّ، واحتقارِ الدُّنيا، وعدم الالتفات إليها. وكان الصّاحبُ بهاءُ الدِّين، يعني ابن حنّا، يتحامل عليه، ويُغري الملك الظّاهِرَ به، لِما عندَهُ من الأهليَّة لِكُلِّ شيء من أمور الدُّنيا والآخِرة، ولا يلتفت إليه، ولا يخضع له. حدَّث بالكثير، وسمع منه الكِبار، منهم الدِّمياطِيّ، والحارثي، والإِسْعِردي، وغيرهم. وتوفي يوم السَّبت ثاني عشر المحرَّم، سنةَ ستٍّ وسبعين وست مئة، ودفن من الغد بالقَرَافَة، عند عمه الحافظ عبد الغني. انتهى.

وذكره ابن رجب (١) وغيره.

١٢٧٩ - (ت ٦٧٦ هـ): عليُّ بن عليّ بن أسفنديار، البغدادّي، نجمُ الدِّين، الواعظ الحنبلي.

ذكره الذَّهبيُّ (٢)، وابنُ العماد (٣)، بما مُلَخَّصُه: ولد سنة ستَّ عشرة وست مئة. وقرأ وسمعَ من ابن اللَّتِّي، والحُسَين ابن رئيس الرُّؤساء. ووعظ بدمشق، فازدَحَم عليه النّاس. وانتَهت إليه رِئاسةُ الوعظ لِحُسْنِ إيراده، ولُطْفِ شمائله، وفهمه، وبَهجة مَحاسِنِه. وتوفي في رجَب، سنة ستٍّ وسبعين وست مئة. انتهى.


(١) ذيل طبقات الحنابلة: ٢/ ٢٩٤.
(٢) العبر: ٥/ ٣١١.
(٣) شذرات الذهب: ٥/ ٣٥٣.