قال في "زهر الخمائل": هو من أهالي الرَّوضَة، البلد المعروف تبعُدُ عن حائل مسافةَ يومٍ للماشي قبلةً جنوبًا، أخذ القرآن عن المقرئ الشيخ مُبارك بن عوَّاد في حائل، وأخذ العلمَ عن الشيخ صالح السَّالم، قرأ عليه كثيرًا من المتون، والكُتبِ والشُّروح، ولَازَمه، وانتفعَ به، وكان حسنَ الخطِّ جدًا، كتب بقلمِهِ كثيرًا من رسائل الشيخ محمد بن عبد الوهَّاب، ودرَّس وأفتى في بلد الرَّوْضَةِ مدةً لا تَقِلُّ عن خمسة عشر عامًا، وأخذَ عنه العلمَ كلُّ من هنالك من الإخوان، وبركةُ علمه إلى الآن، موجودةٌ عليهم في تلك القرى، كان قاضيًا لجميعِ القُرى الجنوبيةِ عن حائلٍ المسمَّاةِ بقُرى رمان،، وقضاؤه لم يكن رسميًا، بل هو باختيار الأهالي ورِضَاهُمُ به، كان رحمه اللهُ واعظًا مُجِيدًا، يستمدُّ من عنايةٍ ربَّانية، يُورد الآياتِ والأحاديث كأنها رأي عَيْنٍ، ويقتدي بأَحوالِ الزُّهَّاد والصَّالحين من السَّلف، ويحفَظُ سيرهم وأحوَالهُم، وكثيرًا ما يستشهد من زُهدِيَّات أبي العَتَاهِيَةِ، وكان إذا أخذ في الوعظِ لا يحبُّ سامِعُهُ أن يسكتَ، لا يَتَلعْثمُ، ولا تنسدُّ عنه المسالكُ، يخرُجُ من موضوع إلى آخر بأسلوب رقيقٍ أخَّاذٍ، لا يجلِسُ في مكان إلا وترى فيه الهَيْبةَ والخشوعَ، وكان قُدوةً حسنةً لتلامِيذِهِ وإخوانِهِ، وأهل محلَّتِهِ، وكان محبوبًا مُعظَّمًا، وداعيًا حكيمًا، شديدَ الحبِّ في الله والبُغض فيه، ابتليَ في آخر حياته بالدُّخول بين ابن رشيد وابن سُعود، فقتل في الرَّوْضَةِ صبرًا، سنةَ تسع وثلاثين وثلاث مئة وألف. انتهى.
٢٩٥٤ - (ت ١٣٣٩ هـ): الشيخُ عبد الله بن الشيخ عبد اللَّطيف بن الشيخ عبد الرحمن بن الشيخ حسن بن الشيخ الكبير شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهَّاب، النَّجديُّ، الحنبليُّ، العالمُ العلَّامة، البحر الزَّاخِر الذي لا يُلْحَقُ له قرارٌ، شيخُ الإسلام والمسلمين، ومَرْجِعُ فِرَقِ الموحِّدين، وقائد أهل هذه الدَّعوة أجمعين، النَّجيبُ الأرِيبُ، العالمُ الأديبُ، الفَطِنُ النَّبيهُ، المحدِّثُ، المفسِّرُ، الفقيهُ.
ولد في بلد الرِّياض، ونشأ بها نشأةً حسنةً على أكمل تربيةٍ، وأحسنِ أدبٍ، وحفظِ القرآن عن ظهر قلبِهِ، ثم أخذَ في طلبِ العلمِ، فقرأ على والدِهِ الشَيخ عبد اللَّطيف، وعلى جدِّه الشيخ عبد الرحمن بن حسن، ورَحَل إلى