على مثله نبكي جهارًا وخفيةً … ونبكي على بنيانِ علمٍ تهدَّما
وهي قصيدة جميلةٌ وطويلة جدًا، وقد قيل فيه غيرها مراث كثيرة رحمه الله ورضي عنه.
٢٩٢٦ - (ت ١٣٣٠ هـ): الشيخُ صالح بن سالم بن مُحسن بن بنيان النَّجْديُّ، الحنبليُّ، العالمُ العلَّامةُ، النِّحريرُ، الفقيهُ، الأديبُ، النَّحويُّ، الأوحد.
أخذ العلمَ عن علماء نَجدٍ في ذلك العصر، ومن أجلِّهم الشيخ عبد العزيز المُرْشِدي القاضِي، المتوفى سنةَ أربعٍ وعشرين وثلاث مئة وألف، والمتقدِّم ذكرُه، وعن الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم، والشيخ عبد الله بنِ عبد اللَّطيف، والشَّيخ سُليمان بن سحمان - فيما قيل ظنًا، وغيرِهم، وبلغ الغايةَ في الفقهِ والنَّحو وغير ذلك، وكان شاعرًا، رأيتُ له جملةَ قصائد، إلا أن شِعْرَهُ من قبيل شعر العلماء، وولي القضاءَ في بلد حائل بعد عزل الشيخ مرعي وحُمِدتْ سيرتُه، وكان له في تلك البلد قَبول تامٌّ يفوق الحدَّ، وكان يضرب بذكائه وفصاحته المثل، وقد جَرَى بينَهُ وبينَ علماءِ نجد ما يجري بين الأقران، فَظَهر على أكثرهم بإقامةِ الحُجَّة على ما يدَّعيهِ، وكان إليه المرجِعُ في تلك الجِهةِ في الفتاوى الفقهية، ومعرِفةِ الأحاديث النَّبويَّة، والعقائد السَّلَفيَّة، والأبحاث الأصوليَّة، وكان حلوَ المفاكهةِ، ليِّنَ الجانبِ، متواضِعًا محبًا للعلمِ والعلماء، يقضي أوقاته بين تحريرٍ وتقريرٍ، ووعظٍ وتذكيرٍ، وكان مُنْجَمِعًا عن الناس، لا يخالطُ أَبناءَ الدُّنيا، وبالجملةِ فهو من عُلماء نَجدٍ الأعيان، وله خطٌّ حسن نيِّرٌ، كتبَ به ما لا يُحصى من الكُتبِ، وتوفي رحمه الله في ثامِن عشر صفر سنة ثلاثين وثلاث مئة وألف، وأسِفَ النَّاسُ عليه، ورَثَاه العلماءُ والشعراءُ، وأرَّخ وفاتَهُ بعضُ الأدباء النَّجديين في آخر مرثية له فيه، بقوله في آخرها:
مات في تاريخ حجز صفر … عام شغل فاعتبره بالتمام
ووجدتُ بقلم الشيخ سُليمان بن حمدان ما نصُّه: تولَّى الكتابةَ لمحمد بن رشيد، ثم أخَذَ عن الشيخ عبد الله في قُدومِهِ حائل، وله نظمٌ لا بأس به، واجتمعَ بشيخِنا سُليمان بن سحمان لما قَدِمَ حائل، وتوفي في سنة ستٍ وعشرين وثلاث مئة وألف. انتهى. والصحيحُ أن وفاتَه كما أثبتنا.